مكية وآياتها ٤ نزلت بعد التين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة قريش) لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ قريش هم حيّ من عرب الحجاز الذين هم من ذرية معد بن عدنان، إلا أنه لا يقال قريشيّ إلا لمن كان من ذرية النضر بن كنانة، وهم ينقسمون إلى أفخاذ وبيوت نحو بني هاشم، وبني أمية، وبني مخزوم، وغيرهم وإنما سميت القبيلة قريشا لتقرشهم، والتقرّش التكسب وكانوا تجارا، وعن معاوية أنه سأل ابن عباس لم سميت قريش قريشا؟ قال: لدابة في البحر تأكل ولا تؤكل، وتعلو ولا تعلى [القرش] ، وكانوا ساكنين بمكة، وكان لهم رحلتان في كل عام للتجارة رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشام، وقيل: كانت الرحلتان جميعا إلى الشام، وقيل:
كانوا يرحلون في الصيف إلى الطائف حيث الماء والظل، فيقيمون بها ويرحلون في الشتاء إلى مكة لسكناهم بها، والإيلاف مصدر من قولك آلفت المكان إذا ألفته وقيل: هو منقول منه بالهمزة يقال ألف الرجل الشيء، وألفه إياه غيره فالمعنى على القول الأول أن قريشا ألفوا رحلة الشتاء والصيف، وعلى الثاني أن الله ألفهم الرحلتين واختلف في تعلق قوله لايلاف قريش على ثلاثة أقوال: أحدهما أنه يتعلق بقوله فليعبدوا والمعنى فليعبدوا الله من أجل إيلافهم الرحلتين فإن ذلك نعمة من الله عليهم: الثاني أنه يتعلق بمحذوف تقديره:
أعجبوا لإيلاف قريش: الثالث أنه يتعلق بسورة الفيل، والمعنى أن الله أهلك أصحاب الفيل لإيلاف قريش، فهو يتعلق بقوله: فجعلهم أو بما قبله من الأفعال. ويؤيد هذا أن السورتين في مصحف أبيّ بن كعب سورة واحدة لا فصل بينهما، وقد قرأهما عمر في ركعة واحدة من المغرب، وذكر الله الإيلاف مطلقا ثم أبدل منه الإيلاف المقيّد بالرحلتين تعظيما للأمر، ونصب رحلة لأنه مفعول بإيلافهم وقال: رحلة وأراد رحلتين فهو كقول الشاعر: كلوا في بعض بطنكم تعفّوا.
ْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ
هذا إقامة حجة عليهم بملاطفة واستدعاء لهم وتذكير بالنعم، والبيت هو المسجد الحرام
الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ يحتمل أن يريد إطعامهم