نزلت بمنى في حجة الوداع فتعد مدنية وهي آخر ما نزل من سور القرآن وآياتها ٣ نزلت بعد التوبة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة النصر) سأل عمر بن الخطاب جماعة من الصحابة رضي الله عنهم عن معنى هذه السورة فقالوا: إن الله أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتسبيح والاستغفار عند النصر والفتح، وذلك على ظاهر لفظها فقال لابن عباس بمحضرهم: يا عبد الله ما تقول أنت؟ قال هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله بقربه إذا رأى النصر والفتح، فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما علمت. وقد قال بهذا المعنى ابن مسعود وغيره، ويؤيده قول عائشة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة وأسلم جعل يكثر أن يقول سبحانك اللهم ويؤيده قول عائشة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة وأسلم جعل يكثر أن يقول سبحانك اللهم وبحمدك اللهم إني أستغفرك يتأول القرآن، أي هذه السورة وقال لها مرة ما أراه إلا حضور أجلي.
وقال ابن عمر: نزلت هذه السورة بمنى أيام التشريق في حجة الوداع. وعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها ثمانين يوما أو نحوها، وقال ابن مسعود: هذه السورة تسمى سورة التوديع.
إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ يعني بالفتح فتح مكة والطائف وغيرهما من البلاد التي فتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس: إن النصر صلح الحديبية والفتح فتح مكة وقيل: النصر إسلام أهل اليمن، والإخبار بذلك كله قبل وقوعه إخباره بغيب، فهو من أعلام النبوّة وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً أي جماعات، وذلك أنه أسلم بعد فتح مكة بشر كثير، فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معه في فتح مكة عشرة آلاف، وكان معه في غزوة تبوك سبعون ألفا وقال أبو عمر بن عبد البر: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي العرب رجل كافر «١» . وقد قيل: إن عدد المسلمين عند موته مائة ألف وأربعة عشر ألفا بل أكثر فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ قد ذكر التسبيح والاستغفار ومعنى بحمد ربك فيما تقدم، فإن قيل: لم أمره الله بالتسبيح والحمد والاستغفار عند رؤية النصر والفتح، وعند اقتراب أجله؟ فالجواب أنه أمر بالتسبيح والحمد ليكون شكرا على النصر والفتح وظهور الإسلام وأمره بذلك وبالاستغفار عند اقتراب أجله ليكون ذلك زادا للآخرة وعدة للقاء الله.
(١) . هذا الكلام فيه نظر لوجود مسيلمة الكذاب على الأقل.