للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الصنف من الفواكه وغيرها

مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ أي نوعان وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ الجنا هو ما يجتنى من الثمار، ودان قريب، وروي أن الإنسان يجتنى الفاكهة في الجنة على أي حال كان من قيام أو قعود أو اضطجاع لأنها تتدلى له إذا أرادها وفي قوله جنا الجنتين ضرب من ضروب التجنيس قاصِراتُ الطَّرْفِ ذكر في الصافات [٤٨] لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ المعنى أنهن أبكار، ولم يطمثهن معناه لم يفتضهن، وقيل: الطمث الجماع سواء كان لبكر أو غيرها، ونفي أن يطمثهن إنس أو جان، مبالغة وقصدا للعموم، فكأنه قال لم يطمثهن شيء، وقيل: أراد لم يطمث نساء الإنس إنس ولم يطمث نساء الجن جن، وهذا القول يفيد بأن الجن يدخلون الجنة ويتلذذون فيها بما يتلذذ البشر كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ شبه النساء بالياقوت والمرجان في الحمرة والجمال، وقد ذكرنا المرجان في أول السورة.

هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ المعنى أن جزاء من أحسن بطاعة الله أن يحسن الله إليه بالجنة، ويحتمل أن يكون الإحسان هنا هو الذي سأل عنه جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» «١» ، وذلك هو مقام المراقبة والمشاهدة، فجعل جزاء ذلك الإحسان بهاتين الجنتين، ويقوي هذا أنه جعل هاتين الجنتين الموصوفتين هنا لأهل المقام العلي، وجعل جنتين دونها لمن كان دون ذلك، فالجنتان المذكورتان أولا للسابقين، والجنتان المذكورتين ثانيا بعد ذلك لأصحاب اليمين حسبما ورد في الواقعة، وانظر كيف جعل أوصاف هاتين الجنتين، أعلى من أوصاف الجنتين اللتين بعدهما فقال هنا: عينان تجريان وقال في الآخرتين: عينان نضّاختان، والجري أشد من النضخ وقال هنالك: من كل فاكهة زوجان، وقال هنا فاكهة ونخل ورمان، وكذلك صفة الحور هنا أبلغ من صفتها هنالك، وكذلك صفة البسط ويفسر ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

جنتان من ذهب آنيتهما وكل ما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وكل ما فيهما «٢» مُدْهامَّتانِ أي تضربان إلى السواد من شدة الخضرةيْنانِ نَضَّاخَتانِ

أي تفوران بالماء والنضخ بالخاء المعجمة أشد من النضح بالحاء المهملة فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ خص النخل


(١) . هذا جزء من حديث صحيح رواه مسلم عن عمر بن الخطاب، انظر الأربعين النووية الحديث الثاني.
(٢) . الحديث رواه مسلم عن عبد الله بن قيس (أبو موسى الأشعري) كتاب الإيمان ١٦٣/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>