للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن كثير بكسرها وهما لغتان وقرئ «١» نحاس بالرفع على شواظ وبالخفض عطف على نار فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ جواب إذا قوله: فيومئذ وقال ابن عطية: جوابها محذوف فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ معنى وردة حمراء كالوردة، وقيل: هو من الفرس الورد، قال قتادة السماء اليوم خضراء ويوم القيامة حمراء، والدهان جمع دهن كالزيت وشبهه شبه السماء يوم القيامة به لأنها تذاب من شدّة الهول، وقيل: يشبه لمعانها بلمعان الدهن، وقيل: إن الدهان هو الجلد الأحمر فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ السؤال المنفي هنا هو على وجه الاستخبار وطلب المغفرة إذ لا يحتاج إلى ذلك، لأن المجرمين يعرفون بسيماهم، ولأن أعمالهم معلومة عند الله مكتوبة في صحائفهم، وأما السؤال الثابت في قوله: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [الحجر: ٩٢] وغيره، فهو سؤال على وجه الحساب والتوبيخ، فلا تعارض بين المنفي والمثبت وقيل: إن ذلك باختلاف المواطن والأول أحسن.

يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ يعني بعلامتهم وهي سواد الوجوه وغير ذلك، والمجرمون هنا الكفار بدليل قوله: هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ قيل معناه: يؤخذ بعض الكفار بناصيته وبعضهم بقدميه، وقيل: بل يؤخذ كل واحد بناصيته وقدميه فيطوى ويطرح في النار يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ الحميم الماء السخن، والآن الشديد الحرارة، وقيل: الحاضر من قولك آن الشيء إذا حضر، والأول أظهر وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ مقام ربه القيام بين يديه للحساب، ومنه: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [المطففين: ٦] ، وقيل: قيام الله بأعماله، ومنه: أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ [الرعد: ٣٣] ، وقيل: معناه لمن خاف ربه وأقحم المقام، كقولك:

خفت جانب فلان. واختلف هل الجنتان لكل خائف على انفراده؟ أو للصنف الخائف وذلك مبنى على قوله: لمن خاف مقام ربه هل يراد به واحد أو جماعة؟ وقال الزمخشري: إنما قال جنتان، لأنه خاطب الثقلين فكأنه قال جنة للإنس وجنة للجن، ذَواتا أَفْنانٍ ثنى ذات هنا على الأصل لأن أصله ذوات، قاله ابن عطية، والأفنان جمع فنن وهو الغصن، أو جمع فن


(١) . قوله: من نار ونحاس فلا تنتصران. قرأها كل من ابن كثير وأبو عمرو: ونحاس وقرأ الباقون:
ونحاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>