السجود، فقيل: إن الركوع هنا بمعنى السجود، وقيل: خرّ من ركوعه ساجدا بعد أن ركع، ومعنى أناب: تاب، وروي أنه بقي ساجدا أربعين يوما يبكي حتى نبت البقل من دموعه، وهذا الموضع فيه سجدة عند مالك خلافا للشافعي، إلا أنه اختلف في مذهب مالك هل يسجد عند قوله: وأناب، أو عند قوله: وحسن مآب
وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ الزلفى القربة والمكانة الرفيعة، والمآب المرجع في الآخرة يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ تقديره قال الله يا داود، وخلافة داود بالنبوة والملك، قال ابن عطية: لا يقال خليفة الله إلا لنبيّ، وأما الملوك والخلفاء فكل واحد منهم خليفة الذي قبله، وقول الناس فيهم خليفة الله تجوّز وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلًا أي عبثا بل خلقهما الله بالحق للاعتبار بهما والاستدلال على خالقهما ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا المعنى أن الكفار لما أنكروا الحشر والجزاء كانت خلقة السموات والأرض عندهم باطلا بغير الحكمة، فإن الحكمة في ذلك إنما تظهر في الجزاء الأخروي أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أم هنا استفهامية يراد بها الإنكار: أي أن الله لا يجعل المؤمنين والمتقين كالمفسدين والفجار، بل يجازي كل واحد بعلمه لتظهر حكمة الله في الجزاء، ففي ذلك استدلال على الحشر والجزاء، وفيه أيضا وعد ووعيد.
إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ الصافنات جمع صافن، وهو الفرس الذي يرفع إحدى رجليه أو يديه ويقف على طرف الأخرى، وقيل: الصافن هو الذي يسوّي يديه، والصفن علامة على فراهة الفرس، والجياد السريعة الجري واختلف الناس في قصص هذه الآية، فقال الجمهور: إن سليمان عليه السلام عرضت عليه خيل كان ورثها عن أبيه وقيل:
أخرجتها له الشياطين من البحر، وكانت ذوات أجنحة، وكانت ألف فرس، وقيل: أكثر فتشاغل بالنظر إليها حتى غربت الشمس وفاتته صلاة العشي «العصر» ، فأسف لذلك، وقال: ردوا عليّ الخيل وطفق يضرب أعناقها وعراقيبها بالسيف حتى عقرها لما كانت سبب فوات الصلاة، ولم يترك منها إلا اليسير، فأبدله الله أسرع منها وهي الريح، وأنكر بعض العلماء هذه الرواية وقال: تفويت الصلاة ذنب لا يفعله سليمان وعقر الخيل لغير فائدة لا يجوز، فكيف يفعله سليمان عليه السلام؟ وأي ذنب للخيل في تفويت الصلاة فقال بعضهم: