ثواب الدنيا فلا يقتصر عليه خاصة، فعند الله ثواب الدنيا والآخرة، وعلى الثاني من كان يريد ثواب الدنيا فليطلبه من الله فعند الله ثواب الدنيا والآخرة كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ أي مجتهدين في إقامة العدل شُهَداءَ لِلَّهِ معناه لوجه الله ولمرضاته وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ يتعلق بشهد وشهادة الإنسان على نفسه هي إقراره بالحق، ثم ذكر الوالدين والأقربين، إذ هم مظنة للتعصب والميل: فإقامة الشهادة على الأجنبيين من باب أولى وأحرى إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً جواب إن محذوف على الأظهر أي إن يكن المشهود عليه غنيا، فلا تمتنع من الشهادة تعظيما له، وإن كان فقيرا فلا تمتنع من الشهادة عليه اتفاقا فإنّ الله أولى بالغني والفقير، أي بالنظر إليهما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا أن مفعول من أجله، ويحتمل أن يكون المعنى من العدل، فالتقدير إرادة أن تعدلوا بين الناس، أو من العدل، فالتقدير كراهة أن تعدلوا عن الحق وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا قيل: إنّ الخطاب للحكام، وقيل للشهود، واللفظ عام في الوجهين، والليّ: هو تحريف الكلام، أي تلووا عن الحكم بالعدل أو عن الشهادة بالحق، أو تعرضوا عن صاحب الحق، أو عن المشهود له بالحق، فإنّ الله يجازيكم فإنه خبير بما تعملون، وقرئ إن تلوا بضم اللام من الولاية «١» : أي إن وليتم إقامة الشهادة، أو أعرضتم عنها آمِنُوا بِاللَّهِ الآية خطاب للمسلمين: معناه الأمر بأن يكون إيمانهم على الكمال بكل ما ذكر، أو يكون أمرا بالدوام على الإيمان، وقيل: خطاب لأهل الكتاب الذين آمنوا بالأنبياء المتقدّمين: معناه الأمر بأن يؤمنوا مع ذلك بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، وقيل:
خطاب للمنافقين معناه الأمر بأن يؤمنوا بألسنتهم وقلوبهم إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا الآية، قيل: هي في المنافقين لتردّدهم بين الإيمان والكفر، وقيل: في اليهود والنصارى لأنهم آمنوا بأنبيائهم ثم كفروا بمحمد صلّى الله عليه واله وسلّم، والأوّل أرجح لأنّ الكلام من هنا فيهم، والأظهر أنها فيمن آمن بمحمد صلّى الله عليه واله وسلّم، ثم ارتدّ، ثم عاد إلى الإيمان، ثم ارتدّ وازداد كفرا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ذلك فيمن علم الله أنه يموت على كفره، وقد يكون إضلالهم عقابا لهم بسوء أفعالهم