للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل داعي الذين كفروا إلى الإيمان كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ أي يصيح بِما لا يَسْمَعُ وهي البهائم التي لا تسمع إِلَّا دُعاءً وَنِداءً ولا يعقل معنى، والآخر: أن يكون المحذوف بعد ذلك، والتقدير: مثل الذين كفروا كمثل مدعوّ الذي ينعق. ويكون دعاء ونداء على الوجهين مفعولا: يسمع والنعيق: هو زجر الغنم، والصياح عليها، فعلى هذا القول شبه الكفار بالغنم وداعيهم بالذي يزجرها وهو يصيح عليها، الثاني: تشبيه الذين كفروا في دعائهم، وعبادتهم لأصنامهم بمن ينعق بما لا يسمع، لأنّ الأصنام لا تسمع شيئا، ويكون دعاء ونداء على هذا منعطف: أي أن الداعي يتعب نفسه بالدعاء أو النداء لمن لم يسمعه من غير فائدة، فعلى هذا شبه الكفار بالنعق صم وما بعده راجع إلى الكفار وذلك غير التآويل الأول ورفعوا على إضمار مبتدأ واشكروا الآية: دليل على وجوب الشكر لقوله:

إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ الْمَيْتَةَ ما مات حتف أنفه، وهو عموم خص منه الحوت «١» والجراد، وأجاز مالك أكل الطافي من الحوت، ومنعه أبو حنيفة، ومنع مالك الجراد حتى تسيب في بيوتها بقطع عضو منها أو وضعها في الماء وغير ذلك، وأجازه عبد الحكم دون ذلك وَالدَّمَ يريد المسفوح لتقييده بذلك في سورة الأنعام، ولا خلاف في إباحة ما خالط اللحم من الدم وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ هو حرام سواء ذكّي أو لم يذكّ، وكذلك شحمه بإجماع، وإنما خص اللحم بالذكر، لأنه الغالب في الأكل ولأن الشحم تابع له، وكذلك من حلف أن لا يأكل لحما فأكل شحما حنث بخلاف العكس وَما أُهِلَّ بِهِ أي: صيح لأنهم كانوا يصيحون باسم من ذبح له، ثم استعمل في النية في الذبح لِغَيْرِ اللَّهِ الأصنام وشبهها اضْطُرَّ بالجوع أو بالإكراه، وهو مشتق من الضرورة ووزنه افتعل، وأبدل من التاء طاء غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ قيل: باغ على المسلمين، وعاد عليهم، ولذلك لم يرخص مالك في رواية عنه للعاصي بسفره أن يأكل لحم الميتة، والمشهور عنه الترخيص له، وقيل: غير باغ باستعمالها من غير اضطرار وقيل: باغ أي متزايد على إمساك رمقه. ولهذا لم يجز الشافعي للمضطر أن يشبع من الميتة. قال مالك: بل يشبع ويتزوّد فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ رفع للحرج، ويجب على المضطر أكل الميتة لئلا يقتل نفسه بالجوع وإنما تدل الآية على الإباحة لا على الوجوب، وقد اختلف هل يباح له ميتة بني آدم أم لا، فمنعه مالك وأجازه الشافعي لعموم الآية

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ اليهود ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ أي أكلهم للدنيا يقودهم إلى النار،


(١) . بلغة المغرب يشمل أنواع السمك.

<<  <  ج: ص:  >  >>