للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزمان، أي يفجر بقية عمره الثاني أنه عبارة عن اتباع أغراضه وشهواته، يقال: مشى فلان قدامه إذا لم يرجع عن شيء يريده، والضمير على هذين القولين يعود على الإنسان، الثالث أن الضمير يعود على يوم القيامة. والمعنى يريد الإنسان أن يفجر قبل يوم القيامة.

يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ أيان معناها متى وهذا السؤال على يوم القيامة هو على وجه الاستخفاف والاستعداد بَرِقَ الْبَصَرُ هذا إخبار عن يوم القيامة، وقيل: عن حالة الموت وهذا خطأ لأن القمر لا يخسف عند موت أحد، ولا يجمع بينه وبين الشمس وبرق «١» بفتح الراء معناه لمع وصار له برق وقرئ بكسر الراء ومعناه تحيّر من الفزع، وقيل: معناه شخص فيتقارب معنى الفتح والكسر وَخَسَفَ الْقَمَرُ ذهب ضوؤه، يقال: خسف هو وخسفه الله والخسوف للقمر والكسوف للشمس، وقيل: الكسوف ذهاب بعض الضوء، والخسوف: ذهاب جميعه، وقيل: بمعنى واحد وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ في جمعهما ثلاثة أقوال: أحدها أنهما يجمعان حيث يطلعهما الله من المغرب، والآخر أنهما يجمعان يوم القيامة، ثم يقذفان في النار، وقيل: في البحر، فتكون النار الكبرى. الثالث أنهما يجمعان فيذهب ضوؤهما لا وَزَرَ أي لا ملجأ ولا مغيث بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ

أي بجميع أعماله ما قدّم منها في أول عمره وما أخر في آخره، وقيل: ما تقدم في حياته وما أخر من سنة أو وصية بعد مماته، وقيل: ما قدم لنفسه من ماله وما أخر منه لورثته.

بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ

في معناه قولان: أحدهما: أنه شاهد على نفسه بأعماله، إذ تشهد عليه جوارحه يوم القيامة، والآخر: أنه حجة بينة لأن خلقته تدل على خالقه، فوصف بالبصارة مجازا لأن من نظر فيه أبصر الحق، والأول أليق بما قبله وما بعده كأنه قال: ينبؤ الإنسان يومئذ بأعماله بل هو يشهد بأعماله وإن لم ينبأ بها، وكذلك يلتئم مع قوله: وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ

، ويكون هو جواب لو حسبما نذكره وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ

فيه قولان، أحدهما: أن المعاذير الأعذار أي الإنسان يشهد على نفسه بأعماله ولو اعتذر عن قبائحها والآخر أن المعاذير: الستور، أي الإنسان يشهد على نفسه يوم القيامة ولو سدل الستور على نفسه في الدنيا، حين يفعل القبائح لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ

الضمير في به يعود على القرآن دلت على ذلك قرينة الحال وسبب الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه جبريل بالقرآن يحرك به شفتيه، مخافة أن ينساه لحينه، فأمره الله أن ينصت ويستمع، وقيل: كان يخاف أن ينسى القرآن فكان يدرسه حتى غلب عليه ذلك، وشق عليه فنزلت


(١) . هي قراءة نافع والباقون: برق بكسر الراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>