للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: الملك الذي يتولى عذابه في جهنم، والأول أرجح لأنه هو القرين المذكور بعد، ولقوله: نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً، فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف: ٣٦] ومعنى قوله: هذا ما لديّ عتيد، أي هذا الإنسان حاضر لدي أعتدته ويسرته لجهنم، وكذلك المعنى إن قلنا: إن القرين هو الملك السائق، وإن قلنا: إنه أحد الزبانية فمعناه هذا العذاب لديّ حاضر، ويحتمل أن يكون ما في قوله، ما لديّ، موصوفة أو موصولة، فإن كانت موصوفة فعتيد وصف لها، وإن كانت موصولة، فعتيد بدل منها، أو خبر بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف، وما هي خبر المبتدأ على هذه الوجوه، ويحتمل أن يكون عتيد الخبر وتكون ما بدلا من هذا أو منصوبة بفعل مضمر

أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ الخطاب للملكين السائق والشهيد، وقيل: إنه خطاب لواحد على أن يكون بالنون المؤكدة الخفيفة، ثم أبدل منها ألف، أو على أن يكون معناه: ألق ألق مثنى مبالغة وتأكيدا، أو على أن يكون على عادة العرب من مخاطبة الاثنين كقولهم: خليلي وصاحبي وهذا كله تكلف بعيد، ومما يدل على أن الخطاب لاثنين قوله: فألقياه في العذاب الشديد مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ قيل: مناع للزكاة المفروضة والصحيح العموم مُرِيبٍ شاك في الدين فهو من الريب بمعنى الشك الَّذِي جَعَلَ يحتمل أن يكون مبتدأ وخبره فألقياه وأدخل فيه ألفا لتضمنه معنى الشرط، أو يكون بدلا أو صفة، ويكون فألقياه تكرار للتوكيد.

قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ القرين هنا شيطانه الذي وكّل به في الدنيا، بلا خلاف ومعنى ما أطغيته: ما أوقعته في الطغيان، ولكنه طغى باختياره، وإنما حذف الواو هنا لأن هذه جملة مستأنفة بخلاف قوله: وقال قرينه قبل هذا فإنه عطف لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ خطاب للناس وقرنائهم من الشياطين ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ أي قد حكمت بتعذيب الكفار فلا تبديل لذلك، وقيل: معناه لا يكذب أحد لدي لعلمي بجميع الأمور، فالإشارة على هذا إلى قول القرين ما أطغيته «١»

وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ الفعل مسند إلى جهنم، وقيل:

إلى خزنتها من الملائكة، والأول أظهر واختلف هل تتكلم جهنم حقيقة أو مجازا بلسان الحال؟ والأظهر أنه حقيقة، وذلك على الله يسير، ومعنى قوله: «هل من مزيد» إنما تطلب الزيادة وكانت لم تمتلئ. وقيل: معناه لا مزيد أي ليس عندي موضع للزيادة، فهي على هذا قد امتلأت والأول أظهر وأرجح، لما ورد في الحديث «لا تزال جهنم يلقى فيها


(١) . قوله: يوم نقول لجهنم: قرأ نافع وأبو بكر: يوم يقول لجهنم بالياء وقرأ الباقون: نقول بالنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>