وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ أي أنبتناها فوقه لتظله وتقيه حر الشمس، واليقطين، القرع وإنما خصه الله به لأنه يجمع برد الظل ولين اللمس وكبر الورق، وأن الذباب لا يقربه، فإن لحم يونس لما خرج من البحر كان لا يحتمل الذباب، وقيل: اليقطين كل شجرة لا ساق لها كالبقول والقرع والبطيخ، والأول أشهر وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ يعني رسالته الأولى التي أبق بعدها وقيل: هذه رسالة ثانية بعد خروجه من بطن الحوت والأول أشهر أَوْ يَزِيدُونَ قيل: أو هنا بمعنى بل، وقرأ ابن عباس، بل يزيدون، وقيل هي بمعنى الواو وقيل: هي للإبهام وقيل: المعنى أن البشر إذا نظر إليهم يتردد فيقول: هم مائة ألف أو يزيدون واختلف في عددهم فقيل: مائة وعشرون ألفا وقيل: مائة وثلاثون ألفا وقيل: مائة وأربعون ألفا وقيل: مائة وسبعون ألفا فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ روي أنهم خرجوا بالأطفال وأولاد البهائم، وفرقوا بينهم وبين الأمهات، وناحوا وتضرعوا إلى الله وأخلصوا فرفع الله العذاب عنهم إلى حين:
يعني لانقضاء آجالهم وقد ذكر الناس في قصة يونس أشياء كثيرة أسقطناها لضعف صحتها.
فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ قال الزمخشري: إن هذا معطوف على قوله فَاسْتَفْتِهِمْ الذي في أول السورة وإن تباعد ما بينهما، والضمير المفعول لقريش وسائر الكفار أي أسألهم على وجه التقرير والتوبيخ عما زعموا من أن الملائكة بنات الله، فجعلوا لله الإناث ولأنفسهم الذكور، وتلك قسمة ضيزى، ثم قررهم على ما زعموا من أن الملائكة إناث وردّ عليهم بقوله: وهم شاهدون، ويحتمل أن يكون بمعنى الشهادة، أو بمعنى الحضور أى أنهم لم يحضروا ذلك ولم يعلموه، ثم أخبر عن كذبهم في قولهم: ولد الله، ثم قررهم على ما زعموا من أن الله اصطفى لنفسه البنات وذلك كله ردّ عليهم وتوبيخ لهم، تعالى الله عن أقوالهم علوا كبيرا أَصْطَفَى دخلت همزة التقرير والتوبيخ على ألف الوصل فحذفت ألف الوصل (مالكم) هذا استفهام معناه التوبيخ، وهي في موضع رفع بالابتداء والمجرور بعدها خبرها، فينبغي الوقف على قوله مالكم أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ أي برهان بين فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ
تعجيز لهم لأنهم ليس لهم كتاب يحتجون به
وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً الضمير في جعلوا لكفار العرب، وفي معنى الآية قولان: أحدهما أن الجنّة هنا الملائكة وسميت بهذا الاسم لأنه مشتق من الاجتنان وهو الاستتار، والملائكة مستورين عن أعين بني آدم كالجن، والنسب الذي جعلوه بينهم وبين الله قولهم: إنهم بنات الله، والقول الثاني أن الجن هنا الشياطين، وفي النسب الذي جعلوه بينه وبينهم أن بعض الكفار قالوا: إن الله والشياطين أخوان، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.