للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديبية

لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ الآية «١» معناها أن الله تعالى عذر الأعمى والأعرج والمريض في تركهم للجهاد لسبب أعذارهم لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل النار إن شاء الله أحد من أهل الشجرة الذين بايعوا تحتها وفي الحديث أنهم كانوا ألفا وأربعمائة، وقيل: ألفا وخمسمائة. وسبب هذه البيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغ الحديبية، وهي موضع على نحو عشرة أميال من مكة، أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه رسولا إلى أهل مكة، يخبرهم أنه إنما جاء ليعتمر، وأنه لا يريد حربا. فلما وصل إليهم عثمان حبسه أقاربه كرامة له، فصرخ صارخ أن عثمان قد قتل. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة على القتال وأن لا يفر أحد. وقيل: بايعوه على الموت ثم جاء عثمان بعد ذلك سالما، وانعقد الصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة على أن يرجع ذلك العام ويعتمر في العام القابل، والشجرة المذكورة كانت سمرة هنا لك ثم ذهبت بعد سنين. فمر عمر بن الخطاب بالموضع في خلافته، فاختلف الصحابة في موضعها فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ يعني من صدق الإيمان وصدق العزم على ما بايعوا عليه، وقيل: من كراهة البيعة على الموت وهذا باطل. لأنه ذم للصحابة وقد ذكرنا السكينة وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً يعني: فتح خيبر وقيل: فتح مكة والأول أشهر، أي جعل الله ذلك ثوابا لهم على بيعة الرضوان، زيادة على ثواب الآخرة. وأما المغانم المذكورة أوّلا فهي غنائم خيبر، وهي المعطوفة على الفتح القريب. وأما المغانم الكثيرة التي وعدهم الله وهي المذكورة ثانيا فهي: كل ما يغنم المسلمون إلى يوم القيامة، والإشارة بقوله فعجل لكم هذه إلى خيبر.

وقيل: إن المغانم التي وعدهم هي خيبر والإشارة بهذه إلى صلح الحديبية وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ أي كف أهل مكة عن قتالكم في الحديبية. وقيل: كف اليهود وغيرهم عن إضرار نسائكم وأولادكم بينما خرجتم إلى الحديبية وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ أي تكون هذه الفعلة وهي كف أيدي الناس عنكم آية للمؤمنين، يستدلون بها على النصر، واللام تتعلق بفعل محذوف تقديره: فعل الله ذلك لتكون آية

وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها يعني فتح مكة، وقيل:

فتح بلاد فارس والروم وقيل: مغانم هوازن في حنين، والمعنى لم تقدروا أنتم عليها، وقد


(١) . قوله: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ ومن يقول يعذبه عذابا أليما هكذا قرأها القراء ما عدا نافع وابن عامر فقرأ: ندخله- نعذبه بالنون بدلا من الياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>