مدنية وآياتها ٢٩ نزلت بعد الزلزلة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة الحديد) سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ هذا التسبيح المذكور هنا وفي أوائل سائر السور المسبحات يحتمل أن يكون حقيقة، أو أن يكون بلسان الحال لأن كل ما في السموات والأرض دليل على وجود الله وقدرته، وحكمته، والأول أرجح لقوله: وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [الإسراء: ٤٤] ، وذكر التسبيح هنا وفي الحشر والصف بلفظ سبح الماضي، وفي الجمعة والتغابن بلفظ يسبح المضارع، وكل واحد منهما يقتضي الدوام هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ أي ليس لوجوده بداية ولا لبقائه نهاية وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ أي الظاهر للعقول بالأدلة، والبراهين الدالة على الباطن، الذي لا تدركه الأبصار، أو الباطن الذي لا تصل العقول إلى معرفة كنه ذاته، وقيل: الظاهر: العالي على كل شيء فهو من قولك: ظهرت على الشيء إذا علوت عليه، والباطن الذي بطن كل شيء أي علم باطنه، والأول أظهر وأرجح. ودخلت الواو بين هذه الصفات لتدل على أنه تعالى جامع لها، مع اختلاف معانيها، وفي ذلك مطابقة لفظية، وهي من أحسن أدوات البيان ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ قد ذكر في الأعراف [٥٣] وكذلك ما بعده وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ يعني أنه حاضر مع كل أحد بعلمه وإحاطته. وأجمع العلماء على تأويل هذه الآية بذلك يُولِجُ اللَّيْلَ ذكر في الحج ولقمان [٢٩] وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ يعني الإنفاق في سبيل الله وطاعته، وروي أنها نزلت في الإنفاق في غزوة تبوك، وعلى هذا روي أن قوله «فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا» نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه، فإنه جهز جيش العسرة يومئذ،