دين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم مع جميع الأنبياء في أصول الاعتقادات، وذلك هو المراد هنا، ولذلك فسره بقوله: أن أقيموا الدين يعني إقامة الإسلام الذي هو توحيد الله وطاعته، والإيمان برسله وكتبه وبالدار الآخرة، وأما الأحكام الفروعية، فاختلفت فيها الشرائع فليست تراد هنا أَنْ أَقِيمُوا يحتمل أن تكون أن في موضع نصب بدلا من قوله:
ما وصى أو في موضع خفض بدلا من به، أو في موضع رفع على خبر ابتداء مضمر، أو تكون مفسرة لا موضع لها من الإعراب كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ أي صعب الإسلام على المشركين اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ الضمير في إليه يعود على الله تعالى، وقيل على الدين وَما تَفَرَّقُوا يعني أهل الأديان المختلفة من اليهود والنصارى وغيرهم وَلَوْلا كَلِمَةٌ يعني القضاء السابق بأن لا يفصل بينهم في الدنيا وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ يعني المعاصرين لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى، وقيل: يعني العرب، والكتاب على هذا القرآن لَفِي شَكٍّ مِنْهُ الضمير للكتاب، أو للدين أو لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فَلِذلِكَ فَادْعُ أي إلى ذلك الذي شرع الله، فادع الناس فاللام بمعنى إلى، والإشارة بذلك إلى قوله شرع لكم من الدين أو إلى قوله: ما تدعوهم إليه وقيل: إن اللام بمعنى أجل، والإشارة إلى التفرق والاختلاف، أي لأجل ما حدث من التفرق ادع إلى الله وعلى هذا يكون قوله: واستقم معطوفا، وعلى الأول يكون مستأنفا فيوقف على فادع واستقم كَما أُمِرْتَ أي دم على ما أمرت به من عبادة الله وطاعته وتبليغ رسالته، وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ الضمير للكفار، وأهواؤهم ما كانوا يحبون من الكفر والباطل كله وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ قيل: يعني العدل في الأحكام إذا تخاصموا إليه، ويحتمل أن يريد العدل في دعائهم إلى دين الإسلام، أي أمرت أن أحملكم على الحق لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ أي لا جدال ولا مناظرة، فإن الحق قد ظهر وأنتم تعاندون.
وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ أي يجادلون المؤمنين في دين الإسلام، ويعني كفار قريش، وقيل: اليهود مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ الضمير يعود على الله أي من بعد ما استجاب الناس له ودخلوا في دينه، وقيل: يعود على الدين وقيل: على محمد صلى الله عليه وسلم، والأول أظهر وأحسن حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ أي زاهقة باطلة