إِنَّ مَثَلَ عِيسى الآية حجة على النصارى في قولهم: كيف يكون ابن دون أب، فمثّله الله بآدم الذي خلقه الله دون أم ولا أب، وذلك أغرب مما استبعدوه، فهو أقطع لقولهم خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ تفسير لحال آدم فيكون حكاية عن حال ماضية، والأصل لو قال: خلقه من تراب، ثم قال له كن فكان، لكنه وضع المضارع موضع الماضي ليصور في نفوس المخاطبين أن الأمر كأنه حاضر دائم الْحَقُّ خبر مبتدأ مضمر فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ أي في عيسى، وكان الذي حاجه فيه وفد نجران من النصارى، وكان لهم سيدان يقال لأحدهما: السيد، والآخر، العاقب نَبْتَهِلْ نلتعن والبهلة اللعنة أي نقول: لعنة الله على الكاذب منا ومنكم، هذا أصل الابتهال: ثم استعمل في كل دعاء يجتهد فيه، وإن لم يكن لعنة، ولما نزلت الآية أرسل رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم إلى علي وفاطمة والحسن والحسين، ودعا نصارى نجران إلى الملاعنة فخافوا أن يهلكهم الله أو يمسخهم الله قردة وخنازير، فأبوا من الملاعنة وأعطوا الجزية قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ خطاب لنصارى نجران، وقيل: اليهود سَواءٍ أي عدل ونصف أَلَّا نَعْبُدَ بدل من كلمة أو رفع على تقدير هي، ودعاهم صلّى الله تعالى عليه وعلى اله وسلّم إلى توحيد الله وترك ما عبدوه من دونه كالمسيح والأحبار والرهبان لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ قالت اليهود: كان إبراهيم يهوديا وقالت النصارى: كان نصرانيا، فنزلت الآية ردّا عليهم لأن ملة اليهود والنصارى إنما وقعت بعد موت إبراهيم بمدة طويلة ها أَنْتُمْ ها تنبيه، وقيل: بدل من همزة الاستفهام، وأنتم مبتدأ وهؤلاء خبره وحاججتم استئناف أو هؤلاء منصوب على التخصيص وحاججتم الخبر فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فيما نطقت به التوراة والإنجيل فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ما تقدم على ذلك من حال إبراهيم ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا ردّ على اليهود والنصارى وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ نفي للإشراك الذي هو عبادة الأوثان، ودخل في ذلك الإشراك الذي