للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمكة حتى خرجوا منها ثَواباً منصوبا على المصدرية لا يَغُرَّنَّكَ الآية تسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم أي: لا تظنوا أن حال الكفار في الدنيا دائمة فتهتموا لذلك، وأنزل لا يغرّنك منزلة لا يحزنك مَتاعٌ قَلِيلٌ أي تقلبهم في الدنيا قليل بالنظر إلى ما فاتهم في الآخرة نُزُلًا منصوب على الحال من جنات أو على المصدرية لِلْأَبْرارِ جمع بارّ وبرّ، ومعناه العاملون بالبرّ، وهي غاية التقوى والعمل الصالح، قال بعضهم: الأبرار هم الذين لا يؤذون أحدا وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ الآية قيل: نزلت في النجاشي ملك الحبشة، فإنه كان نصرانيا فأسلم، وقيل: في عبد الله بن سلام وغيره ممن أسلم من اليهود لا يَشْتَرُونَ مدح لهم، وفيه تعريض لذم غيرهم ممن اشترى بآيات الله ثمنا قليلا وصابروا أي صابروا عدوكم في القتال وَرابِطُوا أقيموا في الثغور مرابطين خيلكم مستعدين للجهاد، وقيل: هو مرابطة العبد فيما بينه وبين الله، أي معاهدته على فعل الطاعة وترك المعصية والأوّل أظهر، قال صلّى الله عليه واله وسلّم: «رباط يوم في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه» «١» وأما قوله في انتظار الصلاة فذلكم الرباط «٢» فهو تشبيه بالرباط في سبيل الله لعظم أجره، والمرابط عند الفقهاء هو الذي يسكن الثغور فيرابط فيها وهي غير موطنه، فأما سكانها دائما بأهلهم ومعايشهم فليسوا مرابطين، ولكنهم حماة، حكاه ابن عطية.


(١) . أخرجه أحمد عن عثمان بلفظ: رباط يوم في سبيل الله تعالى خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل ج ١ ص ٧٩.
(٢) . أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وأوله: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات:
رواه النووي في فضائل الوضوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>