المشركين على شركهم، ثم تبرأ من ذلك بقوله: لا أشهد، ثم شهد الله بالوحدانية، وروي أنها نزلت بسبب قوم من الكفار أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: يا محمد ما تعلم مع الله إلها آخر يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ تقدّم في البقرة [١٤٦] الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ الذين مبتدأ وخبره فهم لا يؤمنون وقيل: الذين نعت للذين آتيناهم الكتاب وهو فاسد، لأن أوتوا الكتاب ما استشهد بهم هنا إلا ليقيم الحجة على الكفار وَمَنْ أَظْلَمُ لفظه استفهام ومعناه لا أحد أظلم مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ وذلك تنصل من الكذب على الله، وإظهاره لبراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مما نسبوه إليه من الكذب، ويحتمل أن يريد بالافتراء على الله ما نسب إليه الكفار من الشركاء والأولاد أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أي علاماته وبراهينه أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ يقال لهم ذلك على وجه التوبيخ تَزْعُمُونَ أي تزعمون أنهم آلهة فحذفه لدلالة المعنى عليه، والعامل في يوم نحشرهم محذوف ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ الفتنة هنا تحتمل أن تكون بمعنى الكفر، أي لم تكن عاقبة كفرهم إلا جحوده والتبرؤ منه، وقيل:
فتنتهم معذرتهم، وقيل: كلامهم، وقرئ فتنتهم بالنصب «١» على خبر كان واسمها أن قالوا، وقرئ بالرفع على اسم كان وخبرها أن قالوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ جحود لشركهم، فإن قيل: كيف يجحدونه وقد قال الله ولا يكتمون الله حديثا؟ فالجواب أن ذلك يختلف باختلاف طوائف الناس واختلاف المواطن، فيكتم قوم ويقر آخرون، ويكتمون في موطن ويقرون في موطن آخر، لأن يوم القيامة طويل وقد قال ابن عباس لما سئل عن هذا السؤال: إنهم جحدوا طمعا في النجاة، فختم الله على أفواههم، وتكلمت جوارحهم فلا يكتمون الله حديثا وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ الضمير عائد على الكفار، وأفرد يستمع وهو فعل جماعة حملا على لفظ من وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ أكنة جمع كنان، وهو الغطاء، وأن يفقهوه في موضع مفعول من أجله تقديره: كراهة أن يفقهوه، ومعنى الآية: أن الله حال بينهم وبين فهم القرآن إذا استمعوه، وعبر بالأكنة والوقر مبالغة، وهي استعارة أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي قصصهم وأخبارهم، وهو جمع أسطار وأسطورة قال
(١) . وهي قراءة نافع وأبو عمرو وأبو بكر. وقرأ حفص وابن كثير وابن عامر بالرفع.