موسى، وإنما دعاه بأمّه، لأنه أدعى إلى العطف والحنوّ، وقرئ ابن أم بالكسر «١» على الإضافة إلى ياء المتكلم، وحذفت الياء بالفتح تشبيها بخمسة عشر جعل الاسمان اسما واحدا فبنى وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي: لا تظن أني منهم أو لا تجد عليّ في نفسك ما تجد عليهم يعني أصحاب العجل غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ أي: غضب في الآخرة وذلة في الدنيا وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أي سكن، وكذلك قرأ بعضهم، وقال الزمخشري: قوله سكت مثل كأنّ الغضب كان يقول له ألق الألواح وجرّ برأس أخيك، ثم سكت عن ذلك وَفِي نُسْخَتِها أي فيما ينسخ منها، والنسخة فعلة بمعنى مفعول لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ أي يخافون، ودخلت اللام لتقدّم المفعول كقوله: لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ [يوسف:
٤٣] ، وقال المبرّد: تتعلق بمصدر تقديره رهبتهم لربهم وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ أي من قومه سَبْعِينَ رَجُلًا حملهم معه إلى الطور يسمعون كلام الله لموسى فقالوا: أرنا الله جهرة فأخذتهم الرجفة عقابا لهم على قولهم، وقيل: إنما أخذتهم الرجفة لعبادتهم العجل أو لسكوتهم على عبادته، والأوّل أرجح لقوله فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم، ويحتمل أن تكون رجفة موت أو إغماء، والأول أظهر لقوله: ثم بعثناكم من بعد موتكم لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ يحتمل أن تكون لو هنا للتمني أي تمنوا أن يكون هو وهم قد ماتوا قبل ذلك، لأنه خاف من تشغيب بني إسرائيل عليه إن رجع إليهم دون هؤلاء السبعين، ويحتمل أن يكون قال ذلك على وجه التضرع والاستسلام لأمر الله كأنه قال: لو شئت أن تهلكنا قبل ذلك لفعلت فإنا عبيدك وتحت قهرك، وأنت تفعل ما تشاء، ويحتمل أن يكون قالها على وجه التضرع والرغبة كأنه قال: لو شئت أن تهلكنا قبل اليوم لفعلت، ولكنك عافيتنا وأبقيتنا فافعل معنا الآن ما وعدتنا، وأحي هؤلاء القوم الذين أخذتهم الرجفة أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا أي أتهلكنا وتهلك سائر بني إسرائيل بما فعل السفهاء الذين طلبوا الرؤية، والذين عبدوا العجل، فمعنى هذا إدلاء بحجته، وتبرؤ من فعل السفهاء، ورغبة إلى الله أن لا يعم الجميع بالعقوبة إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ أي الأمور كلها بيدك
(١) . هي قراءة أهل الشام والكوفة وقرأ بالفتح: نافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص.