القائل لابنه: إن كنت ابني فبرّني مع أنه لا يشك أنه ابنه، ولكن من شأن الشك أن يزول بسؤال أهل العلم، فأمره بسؤالهم، قال ابن عباس: لم يشك النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يسأل، وقال الزمخشري: إن ذلك على وجه الفرض والتقدير، أي إن فرضت أن تقعد في شك فاسأل مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ قيل: يعني القرآن أو الشرع بجملته، وهذا أظهر، وقيل: يعني ما تقدم من أن بني إسرائيل ما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم الحق فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ يعني: الذين يقرءون التوراة والإنجيل، قال السهيلي: هم عبد الله بن سلام ومخيريق ومن أسلم من الأحبار، وهذا بعيد، لأن الآية مكية، وإنما أسلم هؤلاء بالمدينة، فحمل الآية على الإطلاق أولى فَلا تَكُونَنَّ خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم والمراد غيره حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ أي قضى أنهم لا يؤمنون فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ لولا هنا للتحضيض بمعنى هلا، وقرئ في الشاذ هلا، والمعنى: هلا كانت قرية من القرى المتقدمة آمنت قبل نزول العذاب فنفعها إيمانها: إذ لا ينفع الإيمان بعد معاينة العذاب كما جرى لفرعون إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ استثناء من القرى، لأن المراد أهلها، وهو استثناء منقطع بمعنى: ولكن قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم العذاب، ويجوز أن يكون متصلا، والجملة في معنى النفي كأنه قال ما آمنت قرية إلا قوم يونس، وروي في قصصهم أن يونس عليه السلام أنذرهم بالعذاب، فلما رأوه قد خرج من بين أظهرهم علموا أن العذاب ينزل بهم فتابوا وتضرعوا إلى الله تعالى فرفعه عنهم وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ يريد إلى آجالهم المكتوبة في الأزل أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ الهمزة للإنكار أي أتريد أنت أن تكره الناس في إدخال الإيمان في قلوبهم وتضطرهم إلى ذلك، وليس ذلك إليك إنما هو بيد الله، وقيل: المعنى أفأنت تكره الناس بالقتال حتى يؤمنوا أو كان هذا في صدر الإسلام قبل الأمر بالجهاد ثم نسخت بالسيف انْظُرُوا أمر بالاعتبار والنظر في آيات الله وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ يعني: من قضى الله عليه أنه لا يؤمن، وما نافية أو استفهامية يراد بها النفي فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ الآية: تهديد حَقًّا عَلَيْنا اعتراض بين العامل ومعموله وهما كذلك، وننج