إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت: ٤٥] والمعنى أصلاتك تأمرك أن نترك عبادة الأوثان، وإنما قال الكفار هذا على وجه الاستهزاء أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا يعنون ما كانوا عليه من بخس المكيال والميزان، وأن نفعل عطف على أن نترك إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ قيل: إنهم قالوا ذلك على وجه التهكم والاستهزاء، وقيل: معناه الحليم الرشيد عند نفسك وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً أي سالما من الفساد الذي أدخلتم في أموالكم، وجواب أرأيتم محذوف يدل عليه المعنى وتقديره: أرأيتم إن كنت على بينة من ربي أيصلح لي ترك تبليغ رسالته وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ يقال: خالفني فلان إلى كذا إذا قصده وأنت مول عنه، وخالفني عنه إذا ولى عنه وأنت قاصده وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أي لا يكسبنكم عداوتي أن يصيبكم مثل عذاب الأمم المتقدمة، وشقاقي فاعل، وأن يصيبكم مفعول وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ يعني في الزمان لأنهم كانوا أقرب الأمم الهالكين إليهم، ويحتمل أن يراد ببعيد في البلاد ما نَفْقَهُ أي ما نفهم وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً أي ضعيف الانتصار والقدرة، وقيل: نحيل البدن، وقيل: أعمى وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ الرهط: القرابة والرجم بالحجارة أو بالسب أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ هذا توبيخ لهم فإن قيل: إنما وقع كلامهم فيه وفي رهطه وأنهم هم الأعزة دونه فكيف طابق جوابه كلامهم؟ فالجواب:
أن تهاونهم به وهو رسول الله تهاون بالله فلذلك قال: أرهطي أعزّ عليكم من الله وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا الضمير في اتخذتموه لله تعالى أو لدينه وأمره، والظهري ما يطرح وراء الظهر ولا يعبأ به، وهو منسوب إلى الظهر بتغيير النسب.
اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ تهديد ومعنى مكانتكم تمكنكم في الدنيا وعزتكم فيها مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ عذاب الدنيا والآخرة وَارْتَقِبُوا تهديد وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا