أي ضعاف في غاية الهزال يا أَيُّهَا الْمَلَأُ خطاب لجلسائه وأهل دولته لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ أي: تعرفون تأويلها، يقال: عبرت الرؤيا بتخفيف الباء وأنكر بعضهم التشديد، وهو مسموع من العرب، وأدخلت اللام على المفعول به لما تقدم عن الفعل قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ أي تخاليطها وأباطيلها، وما يكون منها من حديث نفس ووسوسة شيطان بحيث لا يعبر، وأصل الأضغاث ما جمع من أخلاط النبات، واحده ضغث، فإن قيل: لم قال أضغاث أحلام بالجمع، وإنما كانت الرؤيا واحدة؟ فالجواب أن هذا كقولك فلان يركب الخيل وإن ركب فرسا واحدا وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ إما أن يريدوا تأويل الأحلام الباطلة، أو تأويل الأحلام على الإطلاق وهو الأظهر وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما هو ساقي الملك وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أي بعد حين يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ يقدر قبله محذوف لا بد منه وهو فأرسلوه فقال: يا يوسف، وسماه صديقا لأنه كان قد جرب صدقه في تعبير الرؤيا وغيرها، والصديق مبالغة من الصدق أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ أي فيمن رأى سبع بقرات وكان الملك قد رأى سبع بقرات سمان أكلتهن سبع عجاف فعجب كيف علتهن وكيف وسعت في بطونهنّ، ورأى سبع سنبلات خضر، وقد التفت بها سبع يابسات حتى غطت خضرتها تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ هذا تعبير للرؤيا، وذلك أنه عبر البقرات السمان بسبع سنين مخصبة وعبر البقرات العجاف بسبع سنين مجدبة فكذلك السنبلات الخضر واليابسة دَأَباً بسكون الهمزة وفتحها «١» مصدر دأب على العمل إذا داوم عليه، وهو مصدر في موضع الحال فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ هذا رأي أرشدهم يوسف إليه، وذلك أن أرض مصر لا يبقى فيها الطعام عامين، فعلمهم حيلة يبقى بها من السنين المخصبة إلى السنين المجدبة، وهي أن يتركوه في سنبله غير مدروس، فإن الحبة إذا بقيت في غشائها انحفظت إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ أي لا تدرسوا منه إلا ما يحتاج إلى الأكل خاصة سَبْعٌ شِدادٌ يعني سبع سنين ذات شدّة وجوع يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ أي تأكلون فيهنّ ما اخترتم من الطعام في سنبله، وأسند الأكل إلى السنين مجازا مِمَّا تُحْصِنُونَ أي تخزنون وتخبئون ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ هذا زيادة على ما تقتضيه الرؤيا، وهو الإخبار بالعام الثامن يُغاثُ النَّاسُ يحتمل أن يكون من الغيث يمطرون، أو من الغوث: