أحسن إليه، والظلم هنا الكفر والعذاب القتل وأراد بقوله: عذابا نكرا عذاب الآخرة فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى المراد بالحسنى الجنة أو الأعمال الحسنة وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً وعدهم بأن ييسر عليهم وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً هؤلاء القوم هم الزنج وهم أهل الهند ومن وراءهم، ومعنى لم نجعل الآية أنهم ليس لهم بنيان إذ لا تحمل أرضهم البناء وإنما يدخلون من حر الشمس في أسراب تحت الأرض وقال ابن عطية: الظاهر أنها عبارة عن قرب الشمس منهم وقيل: الستر اللباس فكانوا على هذا لا يلبسون الثياب كَذلِكَ أي أمر ذي القرنين كذلك، أي كما وصفناه تعظيما لأمره وقيل:
إن كذلك راجع لما قبله أي لم نجعل لهم سترا، كما جعلنا لكم من المباني والثياب، وقيل: المعنى وجد عندها قوما كذلك، أي مثل القوم الذين وجدوا عند مغرب الشمس وفعل معهم مثل فعله بَيْنَ السَّدَّيْنِ أي الجبلين وهما جبلان في طرف الأرض، وقرئ بالفتح «١» والضم وهما بمعنى واحد، وقيل ما كان من خلقة الله فهو مضموم وما كان من فعل الناس فهو مفتوح وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً قيل هم الترك لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا عبارة عن بعد لسانهم عن ألسنة الناس، فهم لا يفقهون القول إلا بالإشارة أو نحوها يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ قبيلتان من بني آدم في خلقهم تشويه، منهم مفرط الطول ومفرط القصر مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ لفسادهم بالقتل والظلم وسائر وجوه الشر، وقيل: كانوا يأكلون بني آدم.
فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا هذا استفهام في ضمنه عرض ورغبة، والخرج الجباية يقال فيه خراج وقد قرئ بهما، فعرضوا عليه أن يجعلوا له أموالا ليقيم بها السد قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ أي ما بسط الله لي من الملك خير من خرجكم، فلا حاجة لي به ولكن أعينوني بقوة الأبدان وعمل الأيدي رَدْماً أي حاجزا حصيبا، والردم أعظم من السد ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ أي بين الجبلين قالَ انْفُخُوا يريد نفخ الكير أي أوقدوا النار على الحديد قِطْراً أي نحاسا مذابا وقيل هو الرصاص، وروى أنه حفر الأساس حتى بلغ الماء ثم جعل البنيان من زبر الحديد حتى ملأ به ما بين
(١) . قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بضم السين وقرأ الباقون بالفتح.