نسائه ثم عاد فوجدهم في مكانهم، فانصرف فخرجوا عن ذلك، وقال ابن عباس: نزلت في قوم كانوا يتحينون طعام النبي صلى الله عليه وسلم، فيدخلون عليه قبل الطعام فيقعدون إلى أن يطبخ، ثم يأكلون ولا يخرجون، فأمروا أن لا يدخلوا حتى يؤذن لهم، وأن ينصرفوا إذا أكلوا، قلت:
والقول الأول أشهر، وقول ابن عباس أليق بما في الآية من النهي عن الدخول حتى يؤذن لهم، فعلى قول ابن عباس في النهي عن الدخول حتى يؤذن لهم، والقول الأول في النهي عن القعود بعد الأكل، فإن الآية تضمنت الحكمين غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ أي غير منتظرين لوقت الطعام، والإنا الوقت، وقيل: إنا الطعام نضجه وإدراكه، يقال أنى يأنى إناء وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا أمر بالدخول بعد الدعوة، وفي ذلك تأكيد للنهي عن الدخول قبلها فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا أي انصرفوا، قال بعضهم: هذا أدب أدّب الله به الثقلاء، وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ معطوف على غير ناظرين، أو تقديره: ولا تدخلوا مستأنسين، ومعناه النهي عن أن يطلبوا الجلوس للأنس بحديث بعضهم مع بعض، أو يستأنسوا لحديث أهل البيت، واستئناسهم: تسمعهم وتجسسهم إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ يعني جلوسهم للحديث أو دخولهم بغير إذن فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ تقديره يستحيي من إخراجكم، بدليل قوله: والله لا يستحيي من الحق: أي أن إخراجكم حق لا يتركه الله.
وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ المتاع الحاجة من الأثاث وغيره، وهذه الآية نزلت في احتجاب أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، وسببها ما رواه أنس من قعود القوم يوم الوليمة في بيت زينب، وقيل: سببها أنّ عمر بن الخطاب أشار على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يحجب نساءه، فنزلت الآية موافقة لقول عمر، قال بعضهم لما نزلت في أمهات المؤمنين «وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب» كن لا يجوز للناس كلامهن إلا من وراء حجاب، ولا يجوز أن يراهن [أحد] متنقبات ولا غير متنقبات، فخصصن بذلك دون سائر النساء ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ يريد أنقى من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء والنساء في أمر الرجال وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ سببها أن بعض الناس قالوا:
لو مات رسول الله صلى الله عليه وسلم لتزوّجت عائشة، فحرم الله على الناس تزوج نسائه بعده كرامة له صلى الله عليه وآله وسلم لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ الآية: لما أوجب الله الحجاب أباح لهن الظهور لذوي محارمهن من القرابة وهم: الآباء، والأبناء، والإخوة، وأولادهم، وأولاد الأخوات وَلا نِسائِهِنَّ قيل يريد بالنساء القرابة والمصرفات لهن، وقيل: يريد نساء