هذا بمعنى الغائب إما تسمية بالمصدر كعدل، وإما تخفيفا في فعيل: كميت، والآخر:
يؤمنون في حال غيبهم، أي باطنا وظاهرا، وبالغيب: على القول الأوّل: يتعلق بيؤمنون، وعلى الثاني: في موضع الحال، ويجوز في الذين أن يكون خفضا على النعت، أو نصبا على إضمار فعل، أو رفعا على أنه خبر مبتدأ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ إقامتها: علمها من قولك: قامت السوق «١» ، وشبه ذلك، والكمال: المحافظة عليها في أوقاتها، بالإخلاص لله في فعلها، وتوفية شروطها، وأركانها، وفضائلها، وسننها، وحضور القلب الخشوع فيها، وملازمة الجماعة في الفرائض والإكثار من النوافل. وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فيه ثلاثة أقوال: الزكاة لاقترانها مع الصلاة، والثاني: أنه التطوّع، والثالث: العموم، وهو الأرجح:
لأنه لا دليل على التخصيص، وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ هل هم المذكورون قبل فيكون من عطف الصفات، أو غيرهم وهم من أسلم من أهل الكتاب، فيكون عطفا للمغايرة، أو مبتدأ وخبره الجملة بعد بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ القرآن وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله عز وجل إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فيمن سبق القدر أنه لا يؤمن كأبي جهل، فإن كان الذين للجنس: فلفظها عام يراد به الخصوص، وإن كان للعهد فهو إشارة إلى قوم بأعيانهم، وقد اختلف فيهم فقيل: المراد من قتل ببدر من كفار قريش، وقيل: المراد حييّ بن أخطب وكعب بن الأشرف اليهوديان سَواءٌ خبر إن وأَنْذَرْتَهُمْ فاعل به لأنه في تقدير المصدر، وسواء مبتدأ، وأنذرتهم خبره أو العكس وهو أحسن، ولا يُؤْمِنُونَ على هذه الوجوه: استئنافا للبيان، أو للتأكيد، أو خبر بعد خبر، أو تكون الجملة اعتراضا، ولا يؤمنون الخبر، والهمزة فيء أنذرتهم لمعنى التسوية قد انسلخت من معنى الاستفهام خَتَمَ الآية تعليل لعدم إيمانهم، وهو عبارة عن إضلالهم، فهو مجاز وقيل: حقيقة، وأن القلب كالكف ينقبض مع زيادة الضلال إصبعا إصبعا حتى يختم عليه، والأوّل أبرع، وعَلى سَمْعِهِمْ معطوف على قلوبهم، فيوقف عليه، وقيل الوقف على قلوبهم، والسمع راجع إلى ما بعده، والأوّل أرجح لقوله:«وختم على سمعه وقلبه»[الجاثية: ٢٣] غِشاوَةٌ مجاز باتفاق، وفيه دليل على وقوع المجاز في القرآن خلافا لمن منعه، ووحد السمع لأنه مصدر في الأصل، والمصادر لا تجمع ومِنَ النَّاسِ أصل الناس أناس لأنه مشتق من الإنس
(١) . المراد بإقامة الصلاة: عدم التهاون بها. راجع تفسير الطبري.