أنه جار في غير أخاديد وقيل: المعنى أنه يجري من غير ساقية ولا دلو ولا تعب لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ أي لا ينقطع إبّانها كفاكهة الدنيا، فإن شجر الجنة يثمر في كل وقت، ولا تمتنع ببعد تناولها ولا بغير ذلك من وجوه المنع وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ هي الأسرة، وقد روي ارتفاع السرير منها مسيرة خمسمائة عام وقيل: هي النساء وهذا بعيد إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ الضمير لنساء الجنة، فإن سياق الكلام يقتضي ذلك، وإن لم يتقدم ذكرهن، ولكن تقدّم ذكر الفرش وهي تدل على النساء وأما من قال: إن الفرش هي النساء فالضمير عائد عليها وقيل: يعود على الحور العين المذكورة قبل هذا وذلك بعيد، فإن ذلك في وصف جنات السابقين، وهذا في وصف جنات أصحاب اليمين، ومعنى إنشاء النساء أن الله تعالى يخلقهن في الجنة خلقا آخر في غاية الحسن، بخلاف الدنيا فالعجوز ترجع شابة والقبيحة ترجع حسنة فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً جمع عروب وهي المتوددة إلى زوجها بإظهار محبته، وعبّر عنهن ابن عباس بأنهن العواشق لأزواجهن، وقيل: هي الحسنة الكلام أَتْراباً لِأَصْحابِ الْيَمِينِ أي مستويات في السن مع أزواجهن، وروي أنهن يكونون في سن أبناء ثلاث وثلاثين عاما ولأصحاب اليمين يتعلق بقوله أنشأناهن على ما قاله الزمخشري. ويحتمل أن يتعلق بأترابا، وهذا هو الذي يقتضيه المعنى أي أترابا لأزواجهن ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ أي جماعة من أول هذه الأمة وجماعة من آخرها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الفرقتان من أمتي، وفي ذلك رد على من قال إنهما من غير هذه الأمة. وتأمل كيف جعل أصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين، بخلاف السابقين فإنهم قليل في الآخرين وذلك لأن السابقين في أول هذه الأمة أكثر منهم في آخرها لفضيلة السلف الصالح، وأما أصحاب اليمين فكثير في أولها وآخرها.
فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ السموم الحر الشديد والحميم الماء الحار جدّا واليحموم هو الأسود وظل من يحموم هو الدخان في قول الجمهور، وقيل: سرادق النار المحيط بأهلها فإنه يرتفع من كل جهة حتى يظلهم وقيل: هو جبل في جهنم وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ معنى يصرون يدومون من غير إقلاع والحنث هو الإثم، وقيل: هو الشرك، وقيل: هو الحنث في اليمين أو اليمين الغموس أَإِذا مِتْنا الآية معناها أنهم أنكروا البعث بعد الموت، وقد ذكرنا قراءة الاستفهامين في الرعد، وآباؤنا في