للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفضل وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ السماء هنا يراد به جنس السموات بدليل قوله في آل عمران [١٣٣] ، وقد ذكرنا هناك معنى عرضها ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها المعنى أن الأمور كلها مقدرة مكتوبة في اللوح المحفوظ من قبل أن تكون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب مقادير الأشياء قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة» «١» وعرشه على الماء، والمصيبة هنا عبارة عن كل ما يصيب من خير أو شر، وقيل: أراد به المصيبة في العرف وهو ما يصيب من الشر، وخص ذلك بالذكر لأنه أهم على الناس، وفي الأرض يعني القحوط والزلازل وغير ذلك، وفي أنفسكم يعني الموت، والفقر، وغير ذلك ونبرأها معناه: نخلقها والضمير يعود على المصيبة أو على أنفسكم أو على الأرض، وقيل: يعود على جميعها لأن المعنى صحيح في كلها لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ المعنى فعل الله ذلك وأخبركم به لكيلا تتأسفوا على ما فاتكم، ومعنى لا تأسوا: لا تحزنوا أي فلا تحزنوا على ما فاتكم منها ولا تفرحوا فيها، وقرأ الجمهور بما آتاكم بالمدّ أي بما أعطاكم الله من الدنيا، وقرأ أبو عمرو بما أتاكم بالقصر أي بما جاءكم من الدنيا فإن قيل: إن الإنسان لا يملك نفسه أن يفرح بالخير ويحزن للشر كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما أتي بمال كثير اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينت لنا، فالجواب: أن النهي عن الفرح إنما هو عن الذي يقود إلى الكبر والطغيان، وعن الحزن الذي يخرج عن الصبر والتسليم كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ المختال صاحب الخيلاء، والفخور شديد الفخر على الناس الَّذِينَ يَبْخَلُونَ «٢» بدل من كل مختال فخور أو خبر ابتداء مضمر تقديره: هم الذين أو منصوب بإضمار: أعني أو مبتدأ وخبره محذوف وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ الكتاب هنا جنس الكتب والميزان العدل وقيل: الميزان الذي يوزن به، وروي أن جبريل نزل بالميزان ودفعه إلى نوح وقال له: مر قومك يزنوا به وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ خبر عن خلقه وإيجاده بالإنزال وقيل: بل أنزله حقيقة، لأن آدم نزل من الجنة ومعه المطرقة والإبرة فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ يعني أنه يعمل منه سلاح


(١) . لم أعثر عليه فيما بين يدي من مصادر.
(٢) . بقية الآية: فإن الله هو الغني الحميد. قرأ نافع وابن عامر: فإن الله الغني الحميد.. بدون هو.

<<  <  ج: ص:  >  >>