للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نساء الجاهلية يفعلنه، وورد في الحديث أن النساء لما بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المبايعة، فقررهنّ على أن لا يسرقن قالت هند بنت عتبة: وهي امرأة أبي سفيان بن حرب يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، فهل عليّ إن أخذت من ماله بغير إذنه، فقال لها خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف «١» فلما قررهن على أن لا يزنين، قالت هند يا رسول الله أتزني الحرة؟ فقال عليه الصلاة والسلام لا تزني الحرة يعني في غالب المرأة، وذلك أن الزنا في قريش إنما كان في الإماء فلما قال: ولا يقتلن أولادهن فقالت: نحن ربيناهم صغارا وقتلتهم أنت ببدر كبارا، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما وقفهن على أن لا يعصينه في معروف، قالت: ما جلسنا هذا المجلس وفي أنفسنا أن نعصيك.

وهذه المبايعة للنساء غير معمول بها اليوم، لأنه أجمع العلماء على أنه ليس للإمام أن يشترط عليهن هذا فإما أن تكون منسوخة ولم يذكر الناسخ، أو يكون ترك هذه الشروط لأنها قد تقررت وعلمت من الشرع بالضرورة فلا حاجة إلى اشتراطها لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ يعني اليهود، وكان بعض فقراء المسلمين يتودّد إليهم ليصيبوا من أموالهم، وقيل: يعني كفار قريش، والأول أظهر لأن الغضب قد صار عرفا لليهود كقوله غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ من قال: إن القوم الذين غضب الله عليهم هو اليهود، فمعنى يئسوا من الآخرة يئسوا من خير الآخرة والسعادة فيها، ومن قال: إن القوم الذين غضب الله عليهم هم كفار قريش، فالمعنى يئسوا من وجود الآخرة، وصحتها لأنهم مكذبون بها تكذيبا جزما وقوله كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ يحتمل وجهين: أحدهما أن يريد كما يئس الكفار المكذبون بالبعث من بعث أصحاب القبور، فقوله: من أصحاب يتعلق بيئس، وهو على حذف مضاف، والآخر أن يكون من أصحاب القبور لبيان الجنس أي كما يئس الذين في القبور من سعادة الآخرة، لأنهم تيقنوا أنهم يعذبون فيها.


(١) . انظر الحديث في البخاري ج ٣ ص ١٠١ عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>