للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحمدُ بنُ حَنْبل ومَن بعدَه، فإنّهم أثبتوا الأحاديث في مسانيد روايتها فيذكُرونَ مسند أبي بكرٍ الصِّدِّيق مثلًا ويُثبتونَ فيه كلّ ما رووه عنه ثم يَذكرون بعدَه الصَّحابة واحدًا بعد واحدٍ على هذا النَّسَق، ومنهم مَن يُثبِتُ الأحاديثَ في الأماكن التي هي دليل عليها فيَضَعونَ لكلِّ حديثٍ بابًا يختص به، فإن كان في معنى الصَّلاة ذَكَروه في بابِ الصَّلاة، وإن كان في معنى الزَّكاة ذكروه فيها كما فعله مالك في "الموطأ" إلّا أنه لقلة ما فيه من الأحاديث، قلت أبوابه، ثم اقتدى به من بعده.

فلما انتهى الأمر إلى زمن البخاري ومسلم وكثُرتِ الأحاديثُ المودَعةُ في كتابيهما، كثرت أبوابهما واقتدى بهما من جاء بعدهما. وهذا النَّوعُ أَسهَلُ مطلبًا من الأول؛ لأنّ الإنسان قد يَعرِفُ المعنى وإن لم يعرف راويه، بل ربّما لا يَحتاجُ إلى معرفة راويه، فإذا أراد حديثًا يتعلق بالصَّلاة طَلبه من كتاب الصَّلاة؛ ولأنَّ الحديثَ إذا أُورِدَ في كتاب الصَّلاة عَلِم الناظرُ أنّ ذلك الحديث هو دليل ذلك الحكم فلا يَحتاجُ أَن يُفكِّرَ فيه، بخلاف الأول.

ومنهم من استخرج أحاديثَ تتضمَّنُ ألفاظًا لُغَويّةً ومعاني مُشكِلةً فوَضَع لها كتابًا قصره على ذكر مَثْن الحديثِ وشَرح غريبه وإعرابه ومعناه، ولم يتعرَّضُ لذكر الأحكام، كما فَعَله أبو عُبَيد القاسم بن سلام وأبو محمد عبد الله بن مُسلم بن قتيبة وغيرهما.

ومنهم من أضاف إلى هذا الاختيار ذكر الأحكام وآراء الفقهاء مثل: أبي سليمانَ حَمْد بن محمد الخَطَّابي في "معالم السنن" (١) و "أعلام السنن" (٢) وغيره من العلماء.


(١) هو في شرح سنن أبي داود.
(٢) هو في شرح صحيح البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>