للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والتهابها، والتّسقية مقامَ التبريد والتجميد، والتّساوي مقامَ التَّجفيف والتّشميع، والتَّخنيق مقامَ التّرطيب والتَّليين، والتَّقطيرَ مقامَ التَّجَوْهُر، والتفصيل مقامَ التّصفية، والتّخليص والسّحقَ والتَّحليل مقام الالتئام والتمزيج، والعَقْدَ مقام الاتحاد والتمكين، واتَّخَذوا جواهر الأصول شيئًا واحدًا فاعلا فعلا غيرَ مُنفعِل محتوٍ على تأثيرات مختلفة شديدة القوة نافذة الفعل والتأثير فيما يُلاقي من الأجسام بحصول معرفة ذلك بالإلهاماتِ السَّماويّة والقياسية العقلية والحسية، وكذلك فَعَل أيضًا أسقليقندريوس وأندروماخس وغيرهم في تراكيب الترياق والمعاجين والحبوب والأكحال والمراهم، فإنّهم قاسوا قوى الأدوية بالنسبة إلى مزاج أبدان البشر والأمراض العارِضة فيها ورَكَّبوا من الحار والبارد والرطب واليابس دواءً واحدًا ينتفع به في المداواة بعد مُراعاة الأسباب، كما فَعَل ديمقراط أيضًا في استخراج صنعة إكسير الخمر، فإنه نَظَر أولا في أن الماء لا يُغادرُ الخمر في شيء من القوام والاعتدال؛ لأنه ماءُ العِنَب، ووجد من خواص الخمر خمسًا هنَّ: اللّونُ والطَّعمُ والرّائحةُ والتَّفريح والإسكار، فأخَذ إذ شَرَع من أول تركيبه الأدوية - العقاقير الصابغة للماء بكون الخمر، ثم المُشاكِلَةَ في الطَّعم، ثم المُعطّرة للرّائحة، ثم المُفرِحةَ، ثم المُسْكِرة، فَسَحَق منها اليابسات وسقاها بالمائعات حتى فصارت دواءً واحدًا يابسًا إذا أُضيف القليل (١) صَبَغَ. من رسالة أرسطو.

قال الجَلْدَكي في "نهايةِ الطَّلب": إنّ من عادة كل حكيم أن يُفرِّقَ العلم كلَّه في كتبه كلها ويجعل له من بعض كتبه خواص يشير إليها بالتقدمة على بقية الكتب لما اختصوا به من زيادة العلم كما خَصَّ جابرٌ من جميع كتبه الخمس مئة (٢)، وكما خَصَّ مؤيّدُ الدِّين من كتبه كتابه المسمَّى بـ "المصابيح والمفاتيح"، وكما خَصَّ المَجْريطي كتابه "الرُّتبة"، وكما خَصَّ ابن أميل كتابه "المصباح".


(١) في م: "منه القليل"، والمثبت من خط المؤلف.
(٢) في م: "كتبه كتابه المسمى الخمس مئة"، والمثبت من خط المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>