وأما ماركوس فما رأى عيسى قطُّ وكان تنصر بعد الرَّفع وتنصَّر على يد بترو الحواريِّ وأخذ عنه الإنجيل بمدينة رُومةَ وخالف أصحابه الثلاثة في مسائل جمّة.
وأما يوحَنّا فهو ابن خالة عيسى ﵇، وزَعَمَ النَّصارى أن عيسى ﵇ حضَر عُرسَ يوحَنَّا وأراه حول الماء خمرًا وهذه أول معجزة ظهرت له، فلما رآه تَرَك زوجته وتبع عيسى ﵇ في دينه وسياحتِه. وهو الرّابع ممَّن كتب الإنجيل، لكنّه كَتَب (١) بالقلم اليوناني في مدينة أفسوس. وهؤلاء الأربعة الذين جعلوا الإنجيل أربعةً وحرَّفوها وبدلوها وكذبوا فيها وأما الذي جاء به عيسى ﵇ إلا إنجيل واحدٌ لا تَدافُعَ فيه ولا اختلاف. وهؤلاء كذبوا على الله وعلى نبيه عيسى ﵇ ما هو معلوم والنصارى على إنكاره.
فأما كذِبُهم فمنه ما قال ماركوسُ في الفصل الأول من إنجيله: أن في كتاب إشعيا النبي عن الله تعالى يقول: إنّي بعثتُ مَلَكي أمام وجهك، يريدُ وجه عيسى، وهذا الكلام لا يوجد في كتاب إشعيا، وإنما هو في كتب ملخيا النبي. ومنه: ما حَكَى مَتَّى في الفصل الأول بل الثالث عشر من إنجيله، أنّ عيسى ﵇ قال: يكون جسدي في بطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال بعد موتي كما لبث يونُسُ في بطن الحوت. وهو من صَرِيح الكَذِب؛ لأنه وافَقَ أصحابه الثلاثة أنّ عيسى ماتَ في الساعة السادسة من يوم الجُمعة ودفن في أول ساعة من ليلة السبت وقام من بين الموتى في صبيحة يوم الأحد فبقي في بطن الأرض يومًا واحدًا وليلتين. ولا شكّ في كَذِب هؤلاء الذين كتبوا الأناجيل في هذه المسألة؛ لأنّ عيسى لم يُخبر عن نفسه ولا أخبر الله عنه في إنجيله بأنه يُقتل ويُدفَن، بل هو كما أخبر الله تعالى في كتابه العزيز أنهم ما قتلوه