للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (١)، أي: مُبْتَدِئُ خَلْقِهَا، وَكُلُّ مَن ابْتَدَأَ أَمْراً فَقَدْ ابْتَدَعَهُ، وَقدْ يُقال: ابْتَدَأَ بدْعَةً حَسَنَةً، إذا ابْتَدَعَ فِعْلاً جَمِيلاً، وَمِنْ ذلِكَ قَولُ الله ﷿: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾ (٢) (٣).

[١٠٠٧] حدثنا أحمد بن إبراهيم، نا إبراهيم (٤)، نا أحمد بن يحيى (٥)، عن ابن الأعرابي (٦) قال: «المِلَّةُ مُعْظَمُ الدِّينِ، وَالشَّرِيعَةُ الحَلَالُ وَالحَرَامُ» (٧).

[١٠٠٨] حدثنا أحمد بن إبراهيم، نا عبد الواحد بن أحمد بن أبي الخَصِيب (٨)، نا إسحاق ابن إبراهيم الورَّاق (٩)، نا عبد الرزاق قال: سمعتُ الثوريَّ يقول: «جَمَعَنِي وابنَ جُرَيج بَعضُ الأُمَرَاء، فَسَأَلَنَا عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ، فقال ابنُ جُرَيج: يُتَوَضَّأ مِنهُ، فقلتُ أنا: لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا اخْتَلَفْنَا قلتُ لابنِ جُريج: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنِيٍّ؟ قال: فقَالَ: يَغْسِلُ يَدَه، فقلتُ: فَأيُّمَا أَنْجَسُ المنِيُّ أَم الذَّكَر؟ قال: بَلِ المَنِيُّ، قلتُ: فَكَيْفَ هَذا؟ قالَ: مَا أَلْقَاهَا عَلَى لِسَانِكَ إلاَّ الشَّيْطَان» (١٠).


(١) البقرة، آية: ١١٧، الأنعام، آية: ١٠١.
(٢) الحديد، آية: ٢٧.
(٣) لم أقف على قول نفطويه.
وانظر: لسان العرب (٨/ ٦)، معجم مقاييس اللغة (١/ ٢٠٩).
(٤) هو نفطويه.
(٥) المعروف بثعلب.
(٦) هو محمد بن زياد.
(٧) لم أقف عليه.
(٨) أبو علي المصري، توفي سنة (٣٥٣ هـ).
ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام (٨/ ٥٨)، ولم يذكر فيه شيئاً.
(٩) هو الدَّبَري.
(١٠) الأثر في مصنف عبد الرزاق (١/ ١٢٠).
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١/ ١٣٦) من طريق ابن المديني، قال: «اجتمع سفيان وابن جريج … »، وذكره نحوه.
قال البيهقي تعليقاً على قوله: (ما ألقاها على لسانك إلاَّ الشيطان): «وإنما أراد ابن جريج أنَّ السنةَ لا تُعارَض بالقياس».
قلت: ويحتمل أنَّه أراد قوة ذكائه وتوقد قريحته في الجواب؛ ولا دخل لمخالفة السنة بالقياس، فالمسألة خلافية، ولكلِّ قوم دليل من السنة استندوا عليه، ثمَّ إنَّ في نجاسة المنيِّ أيضاً خلاف، والصحيح أنَّه طاهر كما هو مذهب بعض أهل العلم، فلو عبَّر بالمذي الذي هو نجس لكان أولى، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>