للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الحجاز التقى بطائفة من أهل العلم، وسمع منهم، وأخذ عنهم مروياتهم، هو وأبو بكر السمعاني، إلاَّ أنَّه في فترة الحج وخاصَّة في يوم عرفة لم يكن يُشغِلُ نفسَه بسماع الحديث، وكان شُغلُه الشاغل عبادةَ ربِّه والتقرُّبَ إليه في مثل هذا اليوم، وكان من نتاج ذلك أن فاته السماع على شيخ ممَّن قدم لأداء الحج، فصبر على ذلك، وآنسه أن كان في عبادة ربِّه، وروى في ذلك قصة وقعت له مع أبي بكر السمعاني، فقال في ترجمة شيخه بالإجازة أبي مكتوم عيسى بن أبي ذر الهروي: «وقد اجتمعنا في عرفات سنة سبع وتسعين لمَّا حَجَجتُ مع الشيخ والدي ، قال لي الإمام أبو بكر محمد بن أبي المظفر السَّمعاني المروزي: اذهب بنا إليه لنقرأ شيئاً عليه، فقلت له: هذا الموضعُ موضع العبادة، وإذا دخلنا إلى مكة نسمع عليه ونجعله من شيوخ الحَرَم المقدَّس، فاستصوبه -رحمه الله تعالى- … فلمَّا حجَّ ورجع من عرفات إلى مكَّة رحل إلى سَرَاة مع النفر الأول من أهل اليمن، وكان ابن السمعاني لما سمع برَحيله لَامَنِي على فِعلي، فهوَّلتُ عليه وقلت: لا تأسف! ولم يكن معه مِمَّا يرويه سوى كتاب البخاري، وأنت وهو في دَرجة واحدة، فأحَدُ شيوخ أبيه أبي ذر في الكتاب أبو الهيثم، وقد سمعتَه أنت على أبي الخير بن عِمران بمَرْو، عن أبي الهيثم، فطابت نفسُه حينئذ» (١).

ثم غادر مكة سنة (٤٩٨ هـ) متوجِّهاً إلى بغداد مرة ثانية، فعرّج في طريقه على الكوفة في السنة نفسها، وسمع من أهلها، ثم دخل بغداد، وسمع فيها إلى سنة (٤٩٩ هـ)، وقد أثبت هذا السماع في مشيخته (٢).


(١) الوجيز (ص ٨٥)، وذكرها عن السِّلفي أيضاً علي بن المفضل في كتاب الأربعين (ص ٤٨٤).
(٢) انظر: النصان (١٦٨، ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>