للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٤٣] نا الفضل بن الحُباب الجُمحي بالبصرة، نا أبو الوليد الطيالسي (١)، نا عبد الحميد ابن بهرام الفزاري، نا شَهْر بن حَوْشَب، حدَّثني ابن عبَّاس: «أنَّ النَّبِيَّ خَطَبَ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهَا سَوْدَة، وَكَانَتْ مُصْبِيَةً، وَكَانَ لَهَا خَمْسَةُ أَصْبِيَة أَوْ سِتَّةٌ مِنْ بَعْلٍ لَهَا مَاتَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ الله : مَا يَمْنَعُكِ مِنِّي، قَالَتْ: وَاللهِ يَا نَبِيَّ الله مَا يَمْنَعُنِي مِنْكَ أَلاَّ تَكُونَ أَحَبَّ البَرِيَّةِ إِلَيَّ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَضْغُوَ (٢) هَؤُلَاءِ الصِّبْيَةُ عِنْدَ رَأْسِكَ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً (٣)، قَالَ: أَمَا يَمْنَعُكِ مِنِّي شَيْءٌ غَيْرَ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: لَا وَاللهِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ الله : يَرْحَمُكِ (٤) اللهُ، إِنَّ خَيْرَ نِسَاءٍ رَكِبْنَ أَعْجَازَ الإِبِلِ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى بَعْلِهِ (٥) فِي ذَاتِ يَدِهِ» (٦).


(١) هشام بن عبد الملك.
(٢) يُقال: ضغا يضغو ضغواً وضُغاءً، إذا صاح وضجَّ. انظر: القاموس المحيط (٤/ ٣٥٧)، النهاية (٣/ ٩٢). وتصحف هذا اللفظ في المعجم الكبير إلى: (تصغو)، وفي معرفة الصحابة (يضعوا).
(٣) من كلمة: (وعشية) تبدأ نسخة فيض الله (ف).
(٤) في (ف): (رحِمَك).
(٥) في (ف): (بعل).
(٦) حسن.
وأخرجه الطبراني في الكبير (١٢/ ٢٤٨)، وأبو نعيم في الحلية (٦/ ٦٦)، وفي معرفة الصحابة (٦/ ٣٣٦٥)، وابن حجر في تغليق التعليق (٤/ ٤٨٣) من طريق الفضل بن الحباب به.
وأخرجه أحمد في المسند (٥/ ٩٢) عن أبي النضر هاشم بن القاسم.
وأبو يعلى في المسند (٣/ ١٤٧)، ومن طريقه ابن حجر في تغليق التعليق (٤/ ٤٨٣) عن منصور بن أبي مزاحم، كلاهما عن عبد الحميد بن بهرام به. وهو عند أبي يعلى مختصر.
وقال الحافظ: «هذا حديث حسن، وقد قوَّى الإمامُ أحمد حديث شهر بن حوشب إذا كان من رواية عبد الحميد بن بهرام، وحسَّن الترمذي حديثاً غير هذا تفرَّد به عبد الحميد، عن شهر، عن ابن عباس، وله طريق أخرى أخرجها قاسم بن ثابت في الدلائل من طريق الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس … »، وذكر المرفوع منه. التغليق (٤/ ٤٨٣).
وكذا حسَّنه في الفتح (٩/ ٤٢٢).
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم (٤/ ١٩٥٨، ١٩٥٩)، وفيه قصة خطبة النَّبِيِّ لأمِّ هانئ واعتذارها بمثل ما اعتذرت سودة.
وهو عند البخاري في صحيحه (٦/ ٤٤٢، ٥٣٤) (٥٠٨٢، ٥٣٦٥) بالمرفوع منه فقط من غير ذكر القصة.
وأمَّا سودة الواردة في هذا الحديث فقد قال ابن حجر: «وهذه المرأة يُحتمل أن تكون أم هانئ المذكورة في حديث أبي هريرة، فلعلها كانت تُلقَّب سودة، فإنَّ المشهور أنَّ اسمها فاختة وقيل غير ذلك، ويُحتمل أن تكون امرأة أخرى، وليست سودة بنت زمعة زوج النَّبِيِّ ، فإنَّ النَّبِيِّ تزوجها قديما بمكة بعد موت خديجة ودخل بها قبل أن يدخل بعائشة ومات وهي في عصمته». الفتح (٩/ ٤٢٢).
قلت: والأقرب أنَّها امرأة أخرى، ولا مانع من تعدُّد القصة، وقد سمَّاها أبو نعيم في معرفة الصحابة: سودة القرشية، وأورد لها هذا الحديث كما تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>