الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فإن من أشد النقص في الكتب العربية المطبوعة كثرة الخطأ والتصحيف والتحريف، ولذلك أسباب كثيرة، منها تقارب صور بعض الحروف، ومنها خلو المخطوطات في الغالب من الشكل بالحركات وخلو بعضها من النقط أيضًا، وزد على هذا جهل بعض النُّسَّاخ الذي أفسد غالبية المخطوطات، فإذا لم يُعْتَن بالتصحيح قبل طبع الكتاب يأتي المطبوع أكثر وأفحش غَلَطًا مما كان في المخطوطة.
ولا يكفي في تدارك هذه المشكلة معرفة المصحح وعالميته، بل لا بد من أمور أخرى.
وليست التبعة في هذا على الخط العربي، فقد أُعِدّ له أصول وضوابط لو روعيت لما وقع الخطأ والتحريف.
وكل من كتب في علوم الحديث تعرض لهذا البحث ونَبَّه على الآثار السيئة المترتبة على عدم العناية به، قال ابن الصلاح: ثم إنّ على كتبة الحديث وطلبته صرف الهمة إلى ضبط ما يكتبونه أو يحصلونه بخط الآخرين من مروياتهم على الوجه الذي رووه شكلًا ونقطًا، بحيث يؤمن معهما الالتباس، وكثيرًا ما يتهاون بذلك الواثقُ بذهنه وتيقظه، وذلك وخيم العاقبة، فإنّ الإِنسانَ مُعَرَّض