وهي العين المعارة. والإِعارة إباحة منفعة بغير عوض (١)، وهو مراد المصنف، ويشترط كونها منتفعًا بها مع بقاء عينها، وكون معير أهلًا للتبرع شرعًا، وأهلية مستعير للتبرع له، وإن شرط لها عوضًا معلومًا صح (٢)، وإعارة نقد ونحوه قرض، وتصح (في كل المنافع) المباحة (إلا منافع بضع)(٣) وهي ما استبيح بالعقد (وعبدًا مسلمًا لكافر) لخدمة وعينًا لنفع محرم (٤)، وتجب إعارة مصحف لمن احتاج إلى قراءة فيه ولم يجد غيره. قاله القاضي وغيره، (ويكره إعارة أمه) جميلة (لرجل غير محرمها)، وقيل: يحرم، وهو أظهر ولا سيما لشاب خصوصًا العزب.
(وإن أعاره حائطًا ليضع عليه أطراف خشبه) ثم (سقط عنه لهدم أو غيره لم يملك رده) إلا بإذنه، أو عند الضرورة إن لم يتضرر الحائط وتقدم، (وإذا لم يجبر مستعير على قلع وأباه فلمعير أخذه بقيمته) أو قلعه ويضمن نقصه. ولا أجرة من حين رجوع (في غرس وبناء) وسفينة في لجة بحر، وأرض لدفن قبل أن يبلى الميت، (وإن حمل سيل غرس) شخص (فنبت في أرض غيره فكغرس) مشتر شقصًا يأخذه شفيع، وكذا حكم نوى وجوز ولوز ونحوه إذا حملت فنبتت.
(١)(ح): وقيل: هي عبارة عن إذن من أهل التبرع لأهل التبرع عليه القابل للضمان اختيارًا في استيفاء منفعة مملوكة أو مختصة مباحة معلومة بلا عوض مع بقاء ملك الرقبة، قيل: أو عين تابعة للرقبة، وقيل: هي هبة للمنافع مع استبقاء ملك الرقبة.
(٢)(ح): صرح في "الفروع" في باب الهبة أنه يصح أن يشرط للعارية عوضًا معلومًا، فقال في الهبة: وإن شرط عوضًا معلومًا صحت كعارية. انتهى، فجعل العارية أصلًا للصحة، وقد ذكر القاضي في "خلافه" وأبو الخطاب في "رؤوس المسائل" أنه يصح عندنا شرط العوض في العارية كما يصح شرط العوض في الهبة وهي منفعة ولا تفسد بذلك. نقله في القاعدة الثامنة والثلاثين.
(٣)(ح): قال ابن عقيل في "الواضح": حقيقة البضع هي المنافع المستباحة بعقد النكاح دون عضو مخصوص من فرج أو غيره على ما يعتقده المتفقهة، والمباضعة مفاعلة من المتعة به، والمتفقه يقول: منافع البضع. انتهى.
(٤)(ح) وقوله: "وعينًا لنفع محرم" يشمل ما نذكره، منها: إعارة المحرم لاستعمال ما يحرم استعماله عليه، ومنها: إعارة الدار لمن يشرب فيها الخمر، أو يبيعه، أو يعصي الله فيها. ومنها: إعارة العبد للزمر أو ليسفه الخمر، أو ليحملها له، أو يعصرها ونحوه.