للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب المياه]

فمن (الطهور: الباقي* على خلقته) مطلقًا حتى ولو استهلك فيه مائع طاهر أو ماء مستعمل يسير نصًا، فتصح الطهارة به ولو كان الماء الطهور لا يكفي لها.

[باب المياه]

المياه جمع ماء وهو جنس، وقد اشتهر في كلامهم ان الجنس والمصدر لا يثنَّى ولا يجمع، وذكر خطيب الدهشة* في مادة "قصد". فقال بعض الفقهاء جمع القصد على قصود. وقال النحاة: المصدر المؤكد لا يثنَّى، ولا يجمع؛ لأنه جنس والجنس يدل بلفظه على ما يدل عليه الجمع من الكثرة فلا فائدة في الجمع، فإن كان المصدر عددا كالضربات، أونوعًا كالعلوم والأعمال جاز ذلك؛ لأنها واحدات وأنواع جمعت فتقول: ضربت ضربتين، وعلمت علمين. فثنَّى لاختلاف النوع؛ لأن ضربًا يخالف ضربًا في شدته وقلته، وعلمًا يخالف علمًا في معلومه ومتعلقه كعلم الفقه وعلم النحو، كا تقول: عندي تمور. إذا اختلفت الأنواع، وكذلك الظن يجمع ظنون لاختلاف أنواعه؛ لأن ظنًا يكون خيرًا وظنًا يكون شرًا. قال الجرجاني**: ولا يجمع المبهم إلا إذا أريد به الفرق بين النوع والجنس، وأغلب ما يكون فيما ينجذب إلى الاسمية نحو العلم والظن ولا يطرد، فدل كلامهم أن المصدر موقوف على السماع.

* قوله: (الباقي على خلقته مطلقًا) أي حقيقة وحكمًا، أما حقيقة فعلى أي صفة خلقه الله تعالى من برودة، أو حرارة، أو ملوحة، أو عذوبة، أو ذوب ثلج، أو برد، أو نزول، أو نبع، أو غير ذلك. وأما حكمًا فكالمتغير بمكثه أو بطحلب ونحوه، أو بما لا يخالطه ونحوه.

تنبيه: قد أكثر المصنف في هذا الكتاب من قوله: "مطلقا" في نحو مائة وستين موضعًا ولم نر أحدًا سلك هذا المسلك في كثرته غيره، وذلك يحترز به أحيانا عن لفظة واحدة، أو حكم واحد، وربما يرد عليه غير ما يحترز منه، ولو أتى بذلك مبينًا لكان أحسن


* هو نور الدين محمد بن أحمد الهمداني الفيومي الشافعي، المعروف بابن خطيب الدهشة المتوفى سنة ٨٣٤ هـ. له "المصباح المنير في شرح غريب الشرح الكبير". انظر: الضوء اللامع للسخاوي ١٠/ ١٢٩.
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذه ترجمة ابنه، وليس هو المقصود، وإنما المقصود والدُه خطيب الدهشة: أحمد بن محمد الفيومي ثم الحموي، صاحب "المصباح المنير في غريب الشرح الكبير"، والنص المنقول أعلاه: فيه بتمامه. وترجمته بـ"الدرر الكامنة" لابن حجر ١/ ٣٧٢ وغيرها]
** هو الشريف علي بن محمد الجرجاني المتوفى سنة ٣٦٦ هـ. له "التعريفات". انظر شذرات الذهب ٣/ ٥٦.

<<  <   >  >>