للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصر وما والاه (والرياح) المذكورة بصفتها دلائل قبلة العراق، وقبلة الشام مغربة عنها، فمهب الجنوب لأهل الشام قبله، وهو من مطلع سهيل إلى مطلع الشمس في

= ومقابلتها تهب من ظهر المصلى؛ لأن مهبها من القطب إلى مغرب الشمس في الصيف. انتهى. فمقتضى هذا أن يكون مهب الشمال خلف ظهر المصلي بالشام كما صرح به، فيكون مستدبرا ما بين القطب إلى مغرب الشمس في الصيف لا مستدبرا القطب نفسه فحصل في كلامه تناقض؛ لأن مقتضى كلامه أولا أن يكون القطب خلف ظهر الشامي، ومقتضاه ثانيا في الرياح أن لا يكن القطب خلف ظهره، بل يكون خلف ظهره ما بين القطب ومغرب الشمس صيفا وهو أيضا غير سديد، لأن مقتضاه أن يكون استقباله لما شرق عن سهيل بدرجات كثيرة، تزيد على انحراف الشام، لكن ذلك قريب من الصواب، فمدينة غزة من الشام وما قرب منها، وأما دمشق وما قرب منها فمنحرفة إلى الغروب عن مسامتة القطب الكعبة تسع وعشرون درجة، أو ثمان وعشرون درجة بدرج الفلك على ما قاله أهل الحساب في ذلك، وذلك نحو نصف سدس الفلك، فحينئذٍ الصواب أن مطلع سهيل لأهل دمشق قبل؛ لأن مدى ما بين طلوعه إلى توسطه وسط الفلط محاذيا للقطب ثلاثون درجة تقريبا، وإذا توسط الدبران طلع سهيل، ومطالع الدبران مائة واثنان وخمسون درجة.

قال الشيخ في "شرح العمدة": أهل الشام يستقبلون ما بين الركن الشامي والميزاب، وأهل العراق يستقبلون ما بين الركن الشامي والباب، وأهل حران ونحوه يستقبلون نفس الركن الشامي، والعلم بهذا ونحوه من مسامتات الأرض بعضها بعضا تحريره لأهل الحساب. انتهى. ثم قال: فإن القطب يحاذي الركن الشامي ويواجهه، وحينئذ يعلم أن الشامي إذا جعل بين أذنه اليسرى ونقرة القفا فقد استقبل ما بين الركن الشامي والميزاب، وأن العراقي إذا جعل القطب بين أذنه اليمنى ونقرة القفا فقد استقبل القبلة والله أعلم.

<<  <   >  >>