الحب في اللغة: نقيض البغض، والحب هو الوداد، أي: المودة التي تكون في القلب، كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً}[مريم:٩٦] أي: محبة في قلوب أهل الخير تكون لهم، ولهذا تجدون أهل الصلاح والاستقامة يحبهم أهل الخير، هذا نعتبره من ثواب الله تعالى لأوليائه في الدنيا أن يحبهم الناس، وهو مقتضى الحديث:(إذا أحب الله العبد قال لجبريل: أحبه، ثم جعل له المحبة في السماء، ثم رزق القبول في الأرض) إلى آخره كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في مدارج السالكين: لا تحد المحبة بحدٍ أوضح منها أبداً، والمقصود بها: أنه يقول: المحبة هي المحبة، بمعنى: أن كل شخص منا يعرف ما هو المقصود من المحبة؛ لأنك تعيشها واقعاً يومياً في كل أجوائك، تشعر بمحبة واضحة لبعض الأشخاص إذ تراهم في بعض المواضع التي تجلس فيها، فالمسجد نحبه، وأهل الخير نحبهم، والقرآن نحبه، والله نحبه، ورسوله نحبه، فلا حاجة لأن تعرف، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله تعالى: فالحدود -أي: التعريف لها- لا تزيد المحبة إلا خفاء وجفاء، قال: فحدها وجودها عند الإنسان، أنت إذا حملت طفلك الصغير عندك له محبة، لا تحتاج إلى أن تعرف المحبة، ولذلك يقول ابن القيم: ولا توصف المحبة بوصف أظهر من المحبة، ومع ذلك ذكر ابن القيم رحمه الله نحو ثلاثين تعريفاً للمحبة، وبين بعض الكلام عليها، وذكر تعاريف الصوفية لها، وتعاريف بعض السلف رحمهم الله تعالى للمحبة وغيرها، ولكن كما قال: لاتحد المحبة بوصف أظهر من المحبة.
وذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أن للمحبة عشر مراتب، -كما في المدارج - وذكر في روضة المحبين أنها قد تصل إلى ستين نوعاً، وغالب ما عرفه لا نعيشه نحن، وإنما يعيشه بعض الناس الذين يعيشون الغرام والحب والهيام وغيره، وذكر أن أعلى مراتب المحبة: العلاقة، وأعلاها وأرقاها وأكملها: الخلة، ولذلك لا تكون الخلة إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم ولإبراهيم عليه الصلاة والسلام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً) ولسنا في صدد الكلام على الخلة وسوف نترك الكلام على ذلك إلى باب الصفات.