ذكر المؤلف رحمه الله تعالى أن الميت في قبره يكون له عمل يقارنه هناك ويسأل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت في قبره يأتيه رجل حسن الصورة، وحسن الثياب، وطيب الريح، فيقول له: أبشر بالذي يسرك، وأبشر برضوان من الله وجنات فيها نعيم مقيم، هذا يومك الذي كنت توعد، ويبشره بكل خير، فيقول هذا الإنسان الذي في قبره: من أنت فوجهك الذي يجيء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح، فوالله ما علمتك إلا أنك كنت سريعاً في كل خير في طاعة الله، بطيئاً عن المعصية، فجزاك الله خيراً، فيبقى مطمئناً، ويعطينا إيحاءً.
سبحان الله! إن الإنسان إذا سار على الطريق وحده يشعر بوحشة، وإذا جاء الله بشيء يؤنس الإنسان ويطمئنه يشعر براحة ولذة وطمأنينة، كيف إذا كان هذا هو العمل الصالح الذي يقدمه الإنسان في هذه الحياة الدنيا؟ والأعمال الصالحة معروف أنها منوعة من صيام، وقيام ليل وقراءة قرآن وأمر بمعروف ودعوة إلى الله وتعليم علم وطلب علم وأعمال متنوعة، ولذلك ينبغي للمسلم أن يتنافس فيها، لعلها تكون معه بين يديه في قبره تؤنسه، وتكون سبباً لإزالة الوحشة التي في قلبه، وتحدث للإنسان الوحشة؛ لأنه ليس له قريب ولا عزيز ولا أنيس، وإذا أتى عمله الذي قارنه في حياته كلها كان أوثق الناس به، وأقرب الأشياء إليه، وأنس لقلبه واطمأن له.
بخلاف العاصي -نعوذ بالله- فإنه يمثل له عمله في صورة رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، ويقول له: أبشر بالذي يسوءك، ثم يسأل: من أنت؟ فإن وجهك الوجه القبيح وغيره؟ فيقول: أنا عملك في هذه الحياة الدنيا الذي عملت، فيفتح له -نعوذ بالله- باب إلى النار، وينظر إليها، ويقال له: هذا مقعدك, ويفتح له باب إلى الجنة فيقال: هذا منزلك لو كنت طائعاً لله تعالى، ثم قالوا: يقيض له أعمى أصم أبكم معه مرزبة فيضربه بمطرقة إلى آخر ما يتعلق بعذاب القبر، ونعوذ بالله من عذاب القبر.