أود أن أنبه -وإن كان مبحث القضاء والقدر سيطول بنا- بالنسبة للأشاعرة ليس الانحراف عندهم في باب الصفات فقط، ويظن الأحبة، وإن كان كثيراً ما نسمع أن الأشاعرة تعتبر أقرب المذاهب إلى أهل السنة، فلديهم انحراف في باب الأسماء والصفات، فهم لا يثبتون إلا سبع صفات فقط دون غيرها، وإن كان قولهم مضطرب في باب الصفات، فمنهم من أثبت سبعاً، وعشراً، وثلاثة عشر، وعشرين صفة، مما يدل على اضطرابهم، وأنهم ليس لهم قاعدة ثابتة في باب الصفات.
عندهم انحراف كذلك في باب التحسين والتقبيح، فهم يرون أن التحسين والتقبيح للشرع فقط، وليس للعقل تحسين ولا تقبيح، وقولهم هذا باطل.
ومنها كذلك: أنهم يذهبون في باب الصفات إلى قضية المجاز، وعندنا أن باب الأسماء والصفات ليس فيه مجاز أصلاً، الأصل إبقاء الألفاظ على ظاهرها.
ومنها كذلك: خبر الواحد يرونه ظني الدلالة ولا يحتج به في باب الأسماء والصفات ولا في باب الاعتقاد أصلاً، وهذا الكلام ليس بصحيح.
ومنها: في باب القضاء والقدر، فإنهم يذهبون إلى قضية الكسب، والقول بالكسب قول باطل، وقد رد عليه أئمة أهل السنة، وبينوا الانحراف فيه، فليس انحرافهم في جزئية واحدة، بل لديهم انحرافات متعددة، ومما يبين على أنهم ليسوا على منهج أهل السنة والجماعة في هذه الأمور التي ذكرناها، بل خالفوا فيها، ولئن كانوا أقرب في بعض الجزئيات، وشيخ الإسلام رحمه الله تعالى ذكرهم، ونجد واقع المسلمين يرتبطون بمذهب الأشاعرة والماتريدية، ولكن عندنا نقول: الحق أحب إلينا، وهو أقبل لنا جميعاً، وحجتنا الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة.