ورد النزول بصفات متعددة: منها ما هو صريح: (ينزل ربنا حين يبقى ثلث الليل الآخر) ومنها: ورد في مسألة الدنو، وورد في مسالة:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً}[الفجر:٢٢] وكذلك جاء في صفة الإتيان: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ}[الأنعام:١٥٨]{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ}[البقرة:٢١٠] هذا يثبت لنا النزول، وقد ورد في بعض الآثار قضية الهبوط.
ونحن نقول: إن النزول والمجيء والإتيان والصعود والاستواء إلى غيرها من الألفاظ الواردة كلها واجب علينا أن نقول: إنها أفعال للرب سبحانه وتعالى على ما يليق بجلاله وعظمته.
ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى تنبيهاً لطيفاً هنا: يجب علينا أن نؤمن أن الرب سبحانه وتعالى فعال لما يريد، فإذا كان فعالاً لما يريد فهو الذي إذا أراد أن ينزل نزل، وإذا أراد أن يأتي أتى، وإذا أراد أن يستوي استوى إلى غيره، كل هذه أفعاله، فهو الفعال لما يريد، وأفعاله سبحانه وتعالى قائمة به، ولولا ذلك -إثبات هذه الأفعال- لم يكن موصوفاً بصفات الكمال، وصفات الكمال عند الإنسان -ولله المثل الأعلى- إنما كانت بفعله الاختياري في الفعل والقيام والحركة وغيرها، والرب سبحانه وتعالى موصوف بالكمال، فله سبحانه وتعالى الفعل الاختياري، ولذلك قال العلماء: وإذا حملت أفعاله الاختيارية على المجاز ولم يكن فاعلاً حقيقة لم يكن إلا بمنزلة الجماد، والله سبحانه وتعالى منزه عن أن يكون كالجماد، بل هذا تعطيل للرب سبحانه وتعالى ووصف له بالنقائص، وإن من أنكر قيام الأفعال بالرب سبحانه وتعالى كـ الجهمية فإنهم معطلة، ولذلك قال الإمام ابن القيم وقال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم: إن المعطلة يعبدون عدماً لا يعبدون إلهاً، والمشبهة يعبدون وثناً، وكلا الطائفتين على ضلال.
ولذلك عندما نفوا هذه الصفات عن الله -الأفعال الاختيارية- مخافة التشبيه، نقول لهم: إذا نفيتم الأفعال الاختيارية عن الله مخافة التشبيه فوجب عليكم كذلك أن تنفوا السمع والبصر والحياة والقدرة، فإنها للمخلوق كما أنها لغيره.