ورد في القرآن أساليب الدعوة إلى توحيد الألوهية، ومن الأساليب ذكرنا في توحيد الربوبية شيئاً منها، قالوا: سوق آيات الربوبية في الخلق والتدبير والملك والحفظ لتقرير الألوهية، كما ذكرنا في الآية التي في سورة البقرة.
ومن الأساليب في الدعوة إلى توحيد الألوهية التنديد بما يتخذه الكفار من آلهة من دون الله تعالى، وإظهار حالها من العجز:{أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ}[الأعراف:١٩١] كأنه يندد بآلهتهم أنها لا تستحق شيئاً: {وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ * وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ}[الأعراف:١٩٢-١٩٣] كل هذا بيان أنها لا تستحق شيئاً ولا لها تصريف أبداً.
ومن الأساليب كذلك: ذكر أسماء الله وصفاته، والله يقول:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف:١٨٠] فمن كان متصفاً بالصفات الحسنة وبالصفات العليا والأسماء الحسنى فهو المستحق لأن يعبد.
ومنها كذلك: بيان حال العابدين يوم القيامة ممن عبد، وكذلك بيان حال الآلهة المعبودة من دون الله تعالى يوم القيامة، ولهذا بين الله سبحانه وتعالى حال العابدين:{لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[الأنبياء:٥٤]{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}[الأحقاف:٥-٦] إذاً لا يستفيدون من الآلهة شيئاً لا في الدنيا ولا في الآخرة، إذاً آلهتكم لا تستحق أن تعبد أبداً بوجه من الوجوه.
لما كان توحيد الألوهية هو أول دعوة الرسل كان جل الكتب التي تكتب في العقائد تركز على توحيد الألوهية، ولعل أعظم ما ألف إفراداً منفصلاً في توحيد الألوهية كتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، ويعتبر من أنفس الكتب التي ركزت على توحيد الألوهية، ولا يستغني عنه عصر ولا أمة، وإن كانت بعض الكتب التي ألفها بعض العلماء قد تكون ركزت على توحيد الأسماء والصفات؛ نظراً لانحراف معين، وكأن هذه تعالج جزئية، وبعضها ألفت في الرد على طوائف منحرفة، لكن كتاب التوحيد للشيخ محمد رحمه الله ركز تركيزاً عظيماً جداً على توحيد الألوهية، وينبغي لطالب العلم أن يحفظه، وأن يقرأه ويعلمه ويتعلم ما فيه من المسائل العظيمة، وأن يبلغها للناس.
نجد أن الشارع احتاط لتوحيد الألوهية احتياطات عظيمة جداً، ونجد أنه نهى عن ألفاظ التعظيم كالحلف بغير الله، وكذلك نسبة الشيء لغير الله تعالى، ونُهينا عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، ونهي الإنسان عن شد الرحل، ونهي عن تجصيص القبور وإنارتها وغيره، كل هذا لسد الوسائل التي تؤدي إلى الوقوع في الشرك.
ومنها كذلك: القيام للشخص القادم وغيره، ولذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضاً) وإن كانت هذه المسألة فيها كلام لطيف جداً لشيخ الإسلام ابن تيمية.