ظهرت ظاهرة الغلو في طوائف متعددة، وأول هذه الطوائف التي بزغ الانحراف عندها: الخوارج فغلوا في آيات الوعيد، وأعملوها على الناس جميعاً، بل أدى بهم الأمر إلى أن حملوا سيوفهم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونسوا الآيات الواردة في الوعد:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:١١٦] والحديث القدسي كذلك: (يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة) إلى غير ذلك من النصوص.
ونسوا تلك الأحاديث الواردة في الوعد، وأعملوا نصوص الوعيد كلها على المجتمع الذي كانوا فيه، مما أدى إلى أن اتهموا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم بالتفريط والتقصير، بل وصل الحد ببعضهم إلى تفسيق الصحابة، بل بلغ الحد ببعضهم إلى تكفير بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقابلتهم طائفة أخرى وهي طائفة الرافضة، فغلوا غلواً آخر في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فكان مقتل الحسين مقوياً لتيار ذلك الغلو، وجاء المختار بن أبي عبيد ليستغل هذا الأمر فنصر دعوة الحسين، ثم كان سبباً للانحراف؛ وسببه الغلو في هؤلاء، واستمر هذا التيار، ولايزال لهاتين الطائفتين بقايا إلى عصرنا.