قاعدة يجب أن نعلمها: السؤال يستخرج به العلم، ولا يستفاد العلم إلا بالسؤال، ولذلك قيل: لا يأخذ هذا العلم ولا يحوزه ولا يصل إليه مستحٍ ولا مستكبر.
إن بعض الناس يحضرون إلى حلقات العلم، ولكن الواحد منهم يمكث سنوات عديدة في الحلقة ما سأل سؤالاً واحداً، لِمَ لم تسأل؟ قال: إني أستحي.
ولذلك فإن الذي يستحي لا يحصِّل علماً أبداً.
ومنهم المتكبر، ولعل قضية التكبر تحصل بين الأقران أو بين الطلاب ليس تكبراً عن العلم، وإنما يتكبر أن يسأل، فربما رد عليه الشيخ بردٍ قاسٍ، أو ربما ضحك الطلاب من سؤاله وعجبوا منه، فيتكبر يقول: سكوتي خير لي من كلامي، وبعد ذلك تمر عليه مسائل عديدة، وإشكالات متعددة، ومع ذلك يبقى على جهله فلا يستفيد شيئاً.
لما سئل ابن عباس رضي الله عنه ورحمه: كيف حصلت هذا العلم؟ قال:[بلسان سئول وبقلب عقول] لقد كان ينطلق هنا وهناك يسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل صغير وكبير أشكل عليه، وينبغي لطالب العلم أن يكون دائماً كثير السؤال، ولكن بضوابط، وليس السؤال على إطلاقه.
وتذكر كتب الأدب لطيفة من اللطائف والله أعلم بصحتها، أن أبا حنيفة كان مرة بين يدي تلاميذه يشرح لهم ويعلمهم، قالوا: فجاء شخص على هيئة حسنة، وعليه آثار طلب العلم، وكان أبو حنيفة ماداً لرجله، فلما رآه أبو حنيفة كف رجله، فجلس هذا الرجل يسأل، ولعل أبا حنيفة يتكلم عن شهر رمضان وعن أحكامه، ثم سأل هذا السائل ذو الهيئة والسمت: يا أبا حنيفة! أرأيت إذا جاء رمضان في وقت الحج ماذا يعمل الناس، أو قريباً من هذه؟ قال أبو حنيفة: لقد آن لـ أبي حنيفة أن يمد رجله الآن.
ظن أنه طالب علم وإذا به جاهل، فما فهم الدرس ولا جاء بشيء يستفاد منه، مما يدل على أن مثل هذه الأسئلة لا يستفاد منها، وينبغي إذا سأل طالب العلم أن يكون السؤال حول العلم الذي يطرح حتى لا يكون كما قال الشاعر: