من العلماء من يقول: إنها بدأت بقضية التحكيم بين علي بن أبي طالب وبين معاوية بن أبي سفيان، وبذلك يربطونها في آخر الخلفاء الراشدين، ولذلك قالوا كلاماً غريباً: إن من وافق على التحكيم واعتبر التحكيم ووافقه فإنه يكون بذلك كافراً، وبناءً عليه كفَّروا علي بن أبي طالب والصحابة الذين كانوا معه، والذين ارتضوا بهذا التحكيم، ولهذا قالوا: إن علي بن أبي طالب خرج من الإسلام بهذا الشيء، ولا شك أن هذا كلام باطل، وكفَّروا كذلك معاوية بن أبي سفيان، ولم يبق أحد من الصحابة رضي الله عنهم مؤمناً بهذا الكلام.
يقول ابن كثير رحمه الله تعالى بعد أن ذكر شيئاً من أخبار الخوارج قال: وهذا الضرب من الناس من أغرب أشكال بني آدم، فسبحان من نوع خلقه كما أراد، وسبق في قدره العظيم، وقال: وما أحسن ما قاله بعض السلف فيهم، لما سئل عن الخوارج؟ فقال عنهم: إنهم المذكرون في قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً}[الكهف:١٠٣-١٠٥] .
يقول: وبالقول الثاني، كما قاله العلامة ابن الجوزي رحمه الله تعالى في تلبيس إبليس، وكذلك نقل عن ابن حزم، ونقل عن الشهرستاني: إن أول خروج الخوارج وأولهم وأقبحهم حالاً ذو الخويصرة التميمي، إذ قال للنبي صلى الله عليه وسلم: اعدل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل) قالوا: فيعتبر ذو الخويصرة التميمي هو أول خارجي في الإسلام، وآفته أنه رضي بعقله وحكمه، ولم يأخذ بما قسم به النبي صلى الله عليه وسلم.
القول الثالث: أنهم قالوا: بدأت الخوارج في عهد عثمان رضي الله عنه وأرضاه لما خرجوا عليه وقتلوه واستحلوا دمه.