للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مناسبة ذكر القرآن بعد الكلام على الصحابة]

ذكر المؤلف رحمه الله تعالى مسألة القرآن فقال:

وأقول في القرآن ما جاءت به آياته فهو القديم المنزل

وجميع آيات الصفات أمرُّها حقاً كما نقل الطراز الأول

وأرد عهدتها إلى نقّالها وأصونها من كل ما يُتخيل

بعد أن بين شيخ الإسلام رحمه الله تعالى منزلة الصحابة وأنهم يحبون جميعاً، وأن قرابة النبي صلى الله عليه وسلم لهم المنازل العليا، وبين أن أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم لهم منازل ورتب كما أن الرسل عليهم الصلاة والسلام فضل الله بعضهم على بعض: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة:٢٥٣] فكذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم مراتب ومنازل، ثم بين أن أعلاهم: أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وقلنا في منازل الصحابة أن أفضلهم على الإطلاق أبو بكر ثم الخلفاء الثلاثة، ثم العشرة المبشرون بالجنة، ثم أهل بدر ثم أهل بيعة الرضوان، ثم أهل أحد، ثم من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بجنات عدن ما عدا العشرة المبشرين بالجنة، ثم من لهم سابقة إلى الإنفاق ومن أسلم من بعد رضي الله عنهم وأرضاهم.

ثم انتقل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى إلى قضية التوحيد، فإنه قعد لنا قاعدة في الصحابة، وذكرنا السبب في ذلك؛ لأن الصحابة هم نقال هذا الدين؛ ولأن مسألة الصحابة هي من أوائل المسائل التي حدث الخلاف فيها، ولذلك كانت نواتها في عهد عثمان رضي الله عنه وفي عهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره.

ثم انتقل الآن إلى مسألة التوحيد وربطنا بمسألة القرآن، والقرآن هو كلام الله تعالى، قبل أن نتكلم على قضية القرآن أود أن أذكر: لماذا ذكر القرآن بعد قضية الصحابة؟ نقول: القرآن هو كلام الله تعالى، وتعتبر مسألة الكلام من أعظم المسائل التي وقع الخلاف فيها، بل هي من أكبرها، ووقع النزاع فيها، ووقعت الفتنة بها في القول بخلق القرآن، حيث قامت المعتزلة بفتنة عمياء وأوذي عدد كبير من أئمة أهل السنة بسببها.

ولذلك تميز الإمام أحمد بموقفه رضي الله عنه ورحمه من هذه الفتنة العظيمة، وكانت من المسائل التي تقتضي المفاصلة، كما أن من مسائل المفاصلة عندنا الصحابة رضي الله عنهم، فإذا أردت أن تعرف هل هذا سني أم مبتدع فانظر موقفه من الصحابة، فإن كان يقدح في آل بيت النبي عرفت أنه خارجي، وإن كان يقدح في أبي بكر وعمر عرفت أنه رافضي، وهكذا نفس مسألة الكلام، فإنك إذا علمت أنه قال: القرآن مخلوق، عرفت أنه معتزلي، أو قال: إن القرآن كلام نفسي عرفت أنه أشعري، وسيأتي ذكر شيء من الأقوال.

وقبل أن ننطلق إلى مسألة الكلام أومئ إيماءة سريعة جداً إلى أقسام التوحيد:

<<  <  ج: ص:  >  >>