وقوله:(وإلى السماء) السماء في اللغة: هي العلو والارتفاع، وإذا ارتفع الشيء وعلا سمي: سماء هذا الشيء، وقيل: إن سقف كل شيء يسمى سماء، ويقال لسقف البيت: سماء، ونجد السماوات السبع هي الأطباق المحيطة بالأرض، ولذلك السماء الدنيا الثانية الثالثة الرابعة إلى أن نقول: السماء السابعة، وهي نثبتها لله تعالى، ولها أجرام حقيقية، والدليل على ذلك: ثبت في حديث الإسراء والمعراج: (أن جبريل عليه الصلاة والسلام يقرع باب السماء فيقال له: من؟ فيقول: جبريل، يقولون: ومن معك؟ يقول: معي محمد، قالوا: أو قد أرسل إليه) ثم يفتحون له، فجبريل يقرع ويستأذن، مما يدل على أن لها أجراماً محسوسة، وقد وردت أحاديث أن كثف كل السماء مسيرة خمسمائة عام، وما بين السماء والسماء مسيرة خمسمائة عام، مما يدل على أن هذه المخلوقات عظيمة جداً، وقد نثبتها إثباتاً لا تدركه عقولنا نحن، لكننا نؤمن بها على ضوء النصوص الثابتة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
بالنسبة لصفة النزول، وقبل أن أنتقل إلى صفة النزول أومأ المؤلف رحمه الله تعالى الله في رسالته هذه إلى ثلاث صفات: الصفة الأولى: الكلام.
الصفة الثانية: صفة الرؤية.
الصفة الثالثة: صفة النزول.
والمؤلف رحمه الله لم يقصد الحصر هنا، ولهذا قال:
وجميع آيات الصفات أمرها
أي: أنه جاء بمنهج.
ولماذا ركز المؤلف على هذه الصفات الثلاث؟ بالنسبة لصفة الكلام فهي من الصفات العظيمة التي اضطربت فيها عقول الناس، ووصلت أقوالهم إلى أكثر من تسعة أقوال في كلام الله تعالى، وأومأ إليها لوجود الخلاف القوي فيها.
وصفة الرؤية لأنها من الصفات التي تواترت وثبتت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك أنكرتها الخوارج والمعتزلة وبعض الرافضة، وبعض الزيدية، فـ الزيدية معتزلة، وكذلك الخوارج في الصفات هم معتزلة، والمعتزلة لهم أصل في هذا فأنكروها.
وجاءت صفة النزول، وتعتبر صفة النزول من الصفات السمعية التي قد دل عليها الكتاب والسنة، ويقصد بالصفات السمعية أو الصفات الخبرية التي لو لم ترد في نص لم نستطع إثباتها، قالوا: ومثلها صفة الاستواء على العرش، فإنه قد ورد النص عن الرسول صلى الله عليه وسلم في إثبات هذه الصفة وفي القرآن في سبعة مواضع، ولذلك نثبت لله تعالى صفة الاستواء على العرش.
وقوله:(بغير كيف ينزل) بين لنا المؤلف رحمه الله أن الله ينزل، وتعتبر صفة النزول من الصفات الفعلية وليست من الصفات الذاتية، والحكم بأنها صفة فعلية لأنها متعلقة بالإرادة والمشيئة، فإن الله ينزل حين يبقى ثلث الليل الآخر، فدل على أنه ينزل كل ليلة متى شاء سبحانه وتعالى، ففي ثلث الليل الآخر ينزل ربنا سبحانه وتعالى.