مسألة: هل نقول: لفظي بالقرآن مخلوق، أو لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ الأصل عندنا أن مثل هذه الكلمة لم يقلها الصحابة رضي الله عنهم، ولم يتكلموا فيها، ولكن لما قويت فتنة المعتزلة، وكان لهم من المسائل احتاج العلماء أن يبينوا: هل لفظه بالقرآن مخلوق أم لفظه بالقرآن غير مخلوق، وهذه من الألفاظ المجملة التي تحتاج إلى شيء من التفصيل.
فإن قصد به الملفوظ أي: القرآن مخلوق كان معتزلياً، والقرآن ليس بمخلوق، لكن إن قصد أن صوته وكلامه هو الذي تكلم، وليس الُمَتَكَلَمَ به أنه مخلوق فهذا لا مانع منه، كما نقول: المداد مخلوق وهو ما يكتب به القرآن، والصحف مخلوقة، وصوت الإنسان مخلوق، وأنا إذا تكلمت فهذا مخلوق، لكن ما أتلفظ به من القرآن فليس بمخلوق، بل هو كلام الله سبحانه وتعالى الذي هو صفة من صفاته، ولهذا يجوز للمسلم أن يحلف بالمصحف فيقول: والمصحف أو والقرآن، نظراً لأنه هو القرآن، ولا يقصد به المداد والأوراق، وإنما يقصد به ما نسميه كلام الله الذي هو صفة من صفاته سبحانه وتعالى.
ذكر العلماء في مسألة النزول رداً على من قال إن النزول يدل على أنه مخلوق، وهذا كلام باطل، وذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أن الإنزال والنزول ينقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: إنزال من السماء وهذا مخلوق، وهو قول الله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً}[الفرقان:٤٨] .
القسم الثاني: إنزال مطلق، مثل قول الله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ}[الحديد:٢٥] وهذا مخلوق.
الثالث: إنزال منه سبحانه وتعالى، كما في قوله تعالى:{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ}[النحل:١٠٢] قالوا: فهذا هو كلام الله الذي نزل به جبريل، وليس هو مخلوق، وإنما ذكر العلماء هذا التفصيل من باب الرد على المعتزلة في قولهم: إن القرآن مخلوق، وليس القرآن مخلوق، بل القرآن صفة من صفات الله سبحانه وتعالى.