يقول العلماء رحمهم الله تعالى:(منه بدأ وإليه يعود)(منه بدأ) أي: أن الله هو الذي ابتدأ بالكلام، وتكلم به أولاً، والقرآن أضيف إلى الرب سبحانه وتعالى:{حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ}[التوبة:٦] وأضيف إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وأضيف إلى جبريل:{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}[الحاقة:٤٠] فإضافته إلى الرب إضافة ابتداءٍ، أي: أن الله هو المبتدئ بالكلام به، وإضافته إلى جبريل وإلى محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: إضافة تبليغ، فمحمد صلى الله عليه وسلم مبلغ وجبريل عليه الصلاة والسلام كذلك مبلغ عن الله، لم يأتِ بالكلام من عند نفسه أبداً.
وقولهم:(وإليه يعود) يحتمل معنيين: المعنى الأول: إليه يعود، كما روي في بعض الآثار أنه إذا لم يعمل الناس بالقرآن، أي: أطبقت الأرض على عدم العمل به، ينزه الله كتابه فيرفعه من صدور الناس ومن مدادهم، وقد روي فيها بعض الآثار، قالوا: وذلك حين تهدم الكعبة، وقالوا: قياساً على الكعبة، فإنها إذا تعطلت فلا أحد يستفيد منها ولا يحجون إلى بيت الله، ولا يعتمرون ولا غيره أرسل الله ذو السويقتين رجل من الحبشة يأتي بقومه من جهة البحر، ثم ينقضون الكعبة حجراً حجراً، وترمى في البحر.
قالوا: ومثله القرآن يُسَرَّى به من القلوب ومن المداد، فلا يبقى منه شيء.
المعنى الثاني: أي أنه يعود إلى الله تعالى وصفاً، فهو الموصوف به سبحانه وتعالى لا يوصف به أحد سوى الرب سبحانه وتعالى.