[القاعدة الرابعة: السؤال في كيفية الصفات كالسؤال في كيفية الذات]
من القواعد ما ذكره العلماء رحمهم الله تعالى وهذه القاعدة نقلت عن جمع من سلف الأمة رحمهم الله تعالى: من سألك عن كيفية صفات الله تعالى فيمكنك أن ترد عليه بجوابين، إذا سألك الإنسان: كيف يضحك الله؟ كيف يتكلم الله؟ كيف يسمع الله؟ كيف يبصر الله؟ فلك جوابان لهذا الرجل: الجواب: الأول: أن تجيبه بالإجابة المشهورة التي نقلت عن الإمام مالك، ونقلت عن ربيعة، ونقلت عن إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فنقول: السمع معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة، مثلما قال الإمام مالك في الاستواء: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
الجواب الثاني: إذا سأل: كيف سمع الله؟ تسأله كيف هو الله؟ كيف ذاته؟ هل يستطيع إجابةً، فسيقول: لا أدري، وكذلك كيفية صفاته، لكن الصفة نعلم مدلولها، السمع نعرف مدلوله، الاستواء نعرف مدلوله في اللغة العربية، ونعرف ما المقصود به، والحياة نعرفها، مثلما يقول العلماء رحمهم الله تعالى عندما تكلمنا على حب الصحابة، لما قال ابن القيم: لا يوجد حد أعظم من تعريف المحبة من المحبة هي، بوجودها في الإنسان نعرف مدلولها، والمقصود منها، فإذا قال الله:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة:٥٤] نعرف ما مدلول المحبة، لكن كيفية هذه المحبة نقول: الله أعلم، فتصبح المحبة معلومة، والاستواء معلوم، والكلام معلوم وغيره، فنقول: هذه نثبتها لله.
ومثل الآن تجد بعضاً من الكتاب وبالأخص بعض المعاصرين يقول: وقد ورد على لسان الرب، لفظة اللسان لا نثبتها لله سبحانه وتعالى أبداً؛ لأنه لابد من نص يدل عليها، وإذا لم يرد نص فإنا نمسك، ونقول: الله يتكلم كيف كلامه؟ نقول: يتكلم بكلام يليق بجلاله وعظمته.
فلو جاء الإنسانَ بعضٌ من المبتدعة، ولعل ممن أومأ إلى هذا الإمام الغزالي في كتابه: المقصد الأسنى لشرح الأسماء الحسنى، لما ذكر الله أن الله يبصر لكن يبصر بغير أهداب ولا جفون ولا حدقة ولا غيره، هذا تفصيل في النفي لا دليل عليه أصلاً، وتجد مثلاً إنساناً يقول: الله يتكلم لكن بغير لسان ولا شفتين ولا أوتار صوتية، ولا ولا، من أين جئت بهذا التفصيل؟ فنقول: الله يتكلم بكلام يليق بجلاله وعظمته، وكلام الله ليس ككلام المخلوقين، بل هو له سبحانه وتعالى لا يشاركه فيه أحد, وهذا هو الواجب علينا.