[أسباب ابتداء شيخ الإسلام بقضية الصحابة قبل التوحيد]
السؤال: عندما قال المؤلف رحمه الله: حب الصحابة كلهم لي مذهب لماذا بدأ شيخ الإسلام ابن تيمية بقضية الصحابة ولم يبدأ بقضية التوحيد؟ الجواب: بدأ بذكر الصحابة لثلاثة أمور: الأمر الأول: أن قضية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم هي من أول القضايا التي وقع الخلاف فيها، فقد حدثت في عهد عثمان والقدح فيه، فهي تعتبر من أول المسائل العقدية التي حدث الانحراف فيها، ولهذا ركز عليها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ورضي عنه.
الأمر الثاني: أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم هم الذين نقلوا لنا مسائل العقيدة، وقاعدة:(إذا قدح في النقال قدح فيما نقلوه) إذا قلت لشخص: إنك لا تصدق في حديثك فمقتضاه تلقائياً لا أقبل منك شيئاً، فإذا قدحت في الناقل قدحت فيما نقله، ولهذا بين شيخ الإسلام ابن تيمية كتأسيس القاعدة، وأن المنهج أننا نحب الصحابة ونأخذ كل ما رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الأمر الثالث: أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم من أراد أن يأخذ المنهج بحق فليسر على نهج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد ذكر الشارح المرداوي رحمه الله أن سبب بداية شيخ الإسلام رحمه الله بقضية الصحابة؛ لأن قضية الصحابة من مسائل الاعتقاد، وأنها إجماعية بين أهل السنة والجماعة، قال: والقرآن والسنة مملوءان بالثناء عليهم، ولذا بدأ بها مصرحة، ومسألة الصحابة رضي الله عنهم والقدح فيهم قدح في الدين.
والقدح في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوائل المسائل العقدية التي حدث فيها الانحراف، ثم بين الأمر الثالث أن شيخ الإسلام أراد أن يبين رحمه الله أن الواجب علينا أن نحب الصحابة، وأن نأخذ بمعتقدهم وبمنهجهم رضي الله عنهم وأرضاهم، فهم الذين يؤخذ عنهم الاعتقاد، ويؤخذ عنهم فهم الكتاب والسنة دون غيرهم.
عندنا مسألة حب الصحابة، قال:(كلهم) جاء بلفظة الكل، وقصد شيخ الإسلام رحمه الله تعالى أن يرد على بعض الطوائف المنحرفة التي تحب بعض الصحابة دون بعض، فطائفة كفرت الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم على وجه العموم كلهم، ولم يبق على الإسلام إلا ستة، وبعضهم قال: لم يبق على الإسلام إلا ثلاثة فقط.
وطائفة أخرى كفرت بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كـ الخوارج، فبعضهم كفر عمرو بن العاص، وعلي بن أبي طالب، ومعاوية وعثمان وغيرهم.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: نحن من قوم لا نقدح في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ننتقصهم، ولا نسبهم، ولا نكفرهم، فلا نفرق بين علي ومعاوية، ولا بين عائشة وفاطمة، بل نحبهم كلهم جميعاً رضي الله عنهم وأرضاهم.